الإنسان في كل نواحي حياته اليومية؛ يكون قادراً على التعامل مع كافة الظروف والأمور المحيطة به والتي تؤثر على حياته بشكلٍ مباشر وغير مباشر. فالإنسان كائن عقلاني يمكنه أن يتخذ قراره بنفسه وبما فيه مصلحته، ولكن في بعض الاحيان يكون القرار في موضوعٍ ما أمراً صعباً عليه، فيكون واقِفاً في مُفترق طرق ووسائل لا يعرف إلى أين يذهب، فيشعر في هذه الحالة بأنه غير مُسيطر على حياته؛ فالقرار مهمٌ جداً ويؤثر على حياته بشكلٍ كبير، فيلجأ إلى الله سبحانه وتعالى حتى يختار له الله الأفضل؛ كونه عاجز عن اتخاذ القرار المناسب. ومن هذا المنطلق جاءت صلاة الإستخارة، فالإستخارة في اللغة هي طلب الخير، واصطلاحاً هي طلب الخيرة من الله سبحانه وتعالى، فيترك العبد القرار الذي لم يستطع اتخاذه بين يدي الله عزَّ وجل ليختار له الأفضل. وحكم صلاة الإستخارة أنها سُنة، وتُصلى دون الفرض، أي بعده أو قبله وفي اى وقت، وليس لها وقتٌ معيَّن لتأديتها، ولكنها صلاة؛ فيُشترط لها الطهارة والوضوء؛ ويُصلي الإنسان ركعتين ينوي فيهما الإستخارة، وبعد أن يُسلم يقرأ دُعاء الإستخارة كما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويترك الأمر لله جلَّ وعلا؛ لأنه هو الأخبر بعباده.
تكثر الحكايات والأقاويل عن نتيجة صلاة الإستخارة، فمنهم من يقول بأن النتيجة تأتي للعبد على شكل رؤيا في المنام؛ تُخبره بما أراد الله له، ومنهم من يقول إنها تكون على حسب المِزاج الذي تستيقظُ فيه من النوم، فإن استيقظت سعيداً فهي بُشرى خير لاستخارتك، وإن استيقظت مهموماً فهي دليل على نذير سوء. الأمر الأول والذي يقول بالرؤيا؛ هو لا خطأ ولا صواب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرؤيا الصادقة أنه جزء من ستة وأربعون جزءاً من النبوة، وهذا لا ينفي أن يرى العبد نتيجة استخارته في المنام، ولكن هذا ليس شرطاً ولا وعداً قطعه الله سبحانه وتعالى على نفسه. أما من يقول عن طبيعة المزاج عند الإستيقاظ؛ فهذا أمرٌ مردود شكلاً وموضوعاً، لأن طبيعة مزاجك يُحدِّدُها طريقة نومك وراحتك أثناء النوم؛ وليس نتيجة لاستخارتك.
إنّ معرفة نتيجة الإستخارة تكون بمعرفة الهدف من صلاة الإستخارة، فالهدف منها كتعرف ما هو مذكور في جزء من الدعاء (إن كنتَ تعلم ان هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري "أو قال عاجله وآجله" فاقدره لي ويسِّره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنتَ تعلمُ أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري "أو قال عاجله وآجله" فاصرفه عني واصرفني عنه واقضِ لي الخير حيث كان ثم ارضني به)، في هذا الدعاء ما يوضِّح لنا كيف ستكون نتيجة صلاة الإستخارة، فهي إن كانت خيراً؛ فإن الله سبحانه وتعالى سيُسهِّل الأمور وييسرها للشخص حتى ينال مراده، اما إن كانت شراً فإن الله سيجعل الأمر عسيراً ويمنعه من الحدوث، لأنه هو الخبير سبحانه؛ والعبد قد ترك أمر هذا الشأن له، فسوف يُعطيه الاحسن وأفضل أو يمنع عنه الأسوأ.