مُقدِّمة
يمرّ الإنسان في حياته بكثير من مواقف الحياة اليوميّة والتي تُجبره على الاختيار بين أكثر من خِيار، ما يجعل الإنسان في حيرة من أمره في قراراته واختياراته، وذلك لعدم معرفته بالغيب وتعرف ما هو خيرٌ له واحسن وأفضل لحياته، لهذا شُرعت لنا صلاة الاستخارة حيثُ يجد العبد فيها طريقةً للجوء إلى الله سبحانه وتعالى عالِم الغيب والشهادة، وليس لصلاة الاستخارة وقتٌ محدَّدٌ، وهي مشروعة في أيّ أمر مُباح كالزَّواج والعمل في وظيفة معينة و شراء سيارةٍ جديدةٍ أو السَّفرِ فهذه كلها أمور قد تختلط العبد فيحتاج إلى الإلتجاء إلى الله تبارك وتعالى. ولأهميّة صلاة الاستخارة في حياة الإنسان، كان صحابة النَّبي محمَّد صلّى الله عليه وسلّم يقولون: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُنا الاستخارةَ في الأمورِ كما يُعَلِّمُنا السُّورةَ من القرآنِ) رواه البُخاري في صحيحه، عن جابر بن عبد الله، رقم: 1162. كما كان الصَّحابة يستخيرون في كلّ أمورهم صغيرها وكبيرها، مصداقًا لقول النَّبي صلّى الله عليه وسلّم: (لِيسأَلْ أحَدُكم ربَّه حاجتَه كلَّها حتَّى شِسْعَ نَعْلِه إذا انقطَع) رواه الإمام أحمد في مسنده، عن سعد بن أبي وقاص،
كيفيّة صلاة الاستخارة
ورد في شرح كيفيّة صلاة الاستخارة حديثٌ صريحٌ عن النَّبي صلّى الله عليه وسلّم، عن الصَّحابي جابر بن عبد الله أنّه قال: (قال النّبي صلى الله عليه وسلّم: إذا هَمَّ أحدُكم بالأمرِ، فليركَعْ ركعتينِ من غيرِ الفريضةِ، ثم لْيقُلْ: "اللهم إني أستَخيرُك بعِلمِك، وأستَقدِرُك بقُدرَتِك، وأسألُك من فضلِك العظيمِ، فإنك تَقدِرُ ولا أَقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ. اللهم إن كنتَ تَعلَمُ أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي، في ديني ومَعاشي وعاقِبةِ أمري، أو قال: عاجِلِ أمري وآجِلِه، فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي، ثم بارِكْ لي فيه، وإن كنتَ تَعلَمُ أنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لي، في ديني ومَعاشي وعاقبةِ أمري، أوقال: في عاجِلِ أمري وآجِلِه، فاصرِفْه عني واصرِفْني عنه، واقدُرْ لي الخيرَ حيث كان، ثم أرضِني به. قال: ويُسَمِّي حاجتَه) رواه البُخاري في صحيحه، عن جابر بن عبد الله، رقم: 1162.
من هذا الحديث الشَّريف يتبين أنّ صلاة الاستخارة عبارة عن ركعتين تُصلَّيان بنيّة الاستخارة في غير الأوقات المنهيّ عنها كوقت طلوع الشمس ووقت غروبها وبعد أداء صلاة الفجر إلى طلوع الشمس وبعد صلاة العصر إلى الغروب وعند استواء الشمس وقت الظهر إلى أن تزول، وبحسب المذهب المالكي والشافعي والحنفي، فإنّه يُستحب أن يقرأ المُصلي في الركعة الأولى سورة الكافرون وفي الركعة الثانية سورة الإخلاص.(1) وبعد الصلاة، يقول الإنسان الدعاء المذكور، ويسمّى حاجته، فيقول مثلاً: "..اللهم إن كنتَ تعلم أنّ زواجي من فلان خيرٌ لي في ديني..".(2)
كيف تعلم نتيجة الاستخارة
الاستخارة هي دعاء لله سُبحانه وتعالى كسائر الأدعية، ويجب فيها تفويض الأمر لله وتوكّل خالص عليه، فيجب على الإنسان أن يمضي بالأمر الذي استخار الله سبحانه وتعالى لأجله، وتكون نتيجة الاستخارة بأن ييسِّير الله عزّ وجلّ في الأمر الذي فيه الخير له وأن يُصرَف ويُبعَد عنه الأمر الذي يسوءه،(2) وقد اتّفقت المذاهب الأربعة على أنّ علامة القبول في الاستخارة تكون في انشراح الصَّدر والذي هو ميل الإنسان وحبّه للشيء من غير هوى نفس، وعلامة عدم القبول تكون في أن يُصرف الإنسان عن الأمر.(1) ولا يلزم بعد الاستخارة رؤية شيء في المنام، وإن وُجد ذلك فيكون ذلك مساعدًا له على اختياره، بل الأصل في ذلك أن تتيسّر أموره بشكل كبير والتي فيها الخير له، وتصعُب كثيراً وتتعقّد الأمور التي فيها الشرّ له، وفي النهاية على المسلم الذي استخار الله عزّ وجلّ أن يرضى بقضاء الله وحكمه.(3) (4)
مسائل متنوّعة في صلاة الاستخارة