كثُرت الأقاويل حول نشأة مدينة وزان المغربيّة ، حيث يقول البعض بأنّه يعود نشأت مدينة وزان إلى القرن 17 للميلاد ، أيّ إلى أواسط القرن 11 للهجرة ، حيث تأسّس ما يعرف بالزاوية الوزانية ، التي أنشأها الولي ( عبد الله الشريف ) ، مؤسّس وشيخ ما يعرف بالطريقة الوزانية ، الذي كان الغرض من تأسيسه لها هو الدعوة وأيضاً لأجل الإصلاح .
كان لهذه المدينة الدور الديني والثقافي والسياسي والاجتماعي ، حيث أسّست هذه المدينة لتكوين الشخصيّة المغربيّة التي تعتنق الإسلام ، حيث أعطت رجالاً حافظوا على سماتها هذه ، وقد شهدت هذه المدينة الازدهار والتطور العمراني ، فصار لهذه المدينة قدسيّة خاصّة واحترام عام في ظلّ كلّ الشيوخ الوزانيين الذين حكموها، و يرجع بعض المؤرّخين ، وبالرّغم من عدم وجود أي أدلّة تاريخيّة أو آثار لذلك ، إلى أنّ مدينة وزان قد أسّست في عهد الرومان ، كون هذه المنطقة تقع بين طنجة وليلي .
في حين يرى البعض ، وبحسب كتاب ( الروض المنيف في التعريف ومعنى بأولاد مولاي عبد الله الشريف ) لمؤلّفه عبد الله بن الطيب ، إلى أنّ هذه المدينة أسست في العهد الأموي ، حيث يذكر بأنّ المئذنة الموجودة في المسجد الشهير مولاي عبد الله الشريف ، قد بنيت فوق صومعة كان قد قام ببنائها موسى بن نصير، و بسبب وجود حي في هذه المدينة يدعى ( بني مرين ) فإنّ البعض قد رجّح بأنّ نشأتها يعود إلى العهد المريني .
يعود أصل تسمية مدينة وزان ، نسبة إلى امبراطور روماني يدعى ( أوزينوس ) ، وآخرون يرون بأنّ أصلها مشتق من اللفظة العربيّة ( الوزان ) ، وبعضهم يرى بأنّ هذه اللفظة منبثقة من ( واد الزين ) ، وهو عبارة عن نهر موجود بالقرب من المدينة ، إلاّ أنّ أغلب المؤرّخين يرون بأنّ النسب الأول هو الأكثر صوابيّة .
تعتبر مدينة وزان من أقدم المدن المغربيّة ، وتضمّ إرثاً ثقافياً وفكرياً بارزاً ، ويصفها أهلها بأنّها ( الحصينة ) ، نظراً لخلوها حتّى الآن من الحانات ، وهي الوحيدة بين المدن التي لم تحاط بأسوار أو جدران ، ولا حتّى شرفات أو أبواب حصينة ، وإنّما فيها فقط بوابتين الأولى معروفة باسم ( باب الفتحة ) ، والثانية تحمل اسم ( باب الجموعة ) ، وتعودا إلى القرن 17 م .
قدّر عدد سكان مدينة وزان ، وبالرّغم من صغرها ، بـ 58 ألف نسمة تقريباً ، حيث تقع بين جبل ( أبي هلال ) ، وجبل ( أبو عقيقة ) ، وهي محاطة بغابات من الزيتون ، فيها بحيرة تسمى ( البحيار ) ، وتعتبر وزان غنيّة بالمياه العذبة ، وتمتاز بهوائها العليل المنعش ، لتغدو مكاناً يجلب السائع لينعم بالاسترخاء والراحة، و تشتهر هذه المدينة بصناعة النسيج والحدادة والنجارة والدباغة والحياكة والخراطة ، وأكثر ما تشتهر به هو صناعة ( الجلابة الوزانية ) التي عمّت ارجاء المغرب .