معركة الجمل
شهد التاريخ الإسلامي بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فتنا وحروبا بين المسلمين، وقد كان سبب الكثير منها أطماع ضعاف النفوس من المسلمين الذين غرتهم الحياة الدنيا، وسول لهم الشيطان إهراق دماء إخوانهم في الدين والعقيدة. كان الحكم وتداول الخلافة هما من أهم محاور الخلاف بين المسلمين آنذاك؛ حيث تطور بعضها إلى قتال واشتباك دام، ومن بين تلك المعارك معركة الجمل، التي حدثت في السنة السادسة والثلاثين من الهجرة وتحديدا في خلافة الإمام الراشد علي ابن أبي طالب رضي الله عنه.
حدثت هذه المعركة بين فريقين من المسلمين، وهما: فريق الخليفة، وفريق تزعمته السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، والصحابيان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهما، وقد انتهت المعركة بمقتل ما يقارب سبعة عشر ألفا من الفريقين، وانتصر فيها معسكر الإمام علي رضي الله عنه.
سبب حدوث المعركة
تعود جذور المشكلة إلى اليوم الذي استشهد فيه الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه على يد جماعة من الخارجين على الدولة، وقد أجمع كبار الصحابة بعدها على اختيار الصحابي الجليل علي ابن أبي طالب ليكون خليفة للمسلمين، وقد كان رأي علي أن تجتمع كلمة المسلمين وتتوحد بلادهم قبل أن يتخذ القرار للاقتصاص من قتلة عثمان، لذلك فمبايعة الخليفة أهم بكثير من إيقاع القصاص بالقتلة، لأن البلاد لا تسير دون ولي للأمر يرعى المسلمين وحقوقهم.
بينما رأى فريق آخر من المسلمين أنه يجب الاقتصاص حالا من قتلة عثمان، وقد تزعم طلحة والزبير رضي الله عنهما إلى جانب السيدة عائشة معسكر من ينادون بالقصاص.
بداية المعركة
اتجهت الحشود التي قادها طلحة والزبير بن العوام والسيدة عائشة إلى البصرة لينزلوا فيها، وقد أقاموا فيها حتى سمع الإمام علي بمقدمهم، وقد حدثت مراسلات بين الفريقين كانت نتيجتها إتمام الصلح والاتفاق.
فرح المسلمون بذلك فرحا شديدا لحقنه دماء المسلمين، وقد اغتاظ لذلك أناس في الفريقين؛ حيث رؤوا في هذا الصلح إفسادا لمخططاتهم الرامية إلى إحداث فتنة في معسكر المسلمين، لذلك استفز عدد منهم الفريقين حتى ظن كل فريق أن الفريق الآخر قد نكث الصلح وغدر، وقد حدثت مقتلة عظيمة بين الفريقين سقط من خلالها الآلاف من المسلمين وانتهت بانتصار معسكر الإمام علي واستشهاد طلحة والزبير رضي الله عنهما، ورحيل السيدة عائشة مكرهة من البصرة ورجوعها إلى المدينة المنورة.