لقد عاش الشاعر النجفي حياة مليئة بالمشقة والبؤس والعذاب، من يتم ومرض وسجن وألم وحرمان، فكانت حياته عجافاً، فكان مثال الشاعر المناضل بيده وبلسانه؛ فقد كان شعره يجعل النار تلهب من عيون العراقيين ضد المحتل الإنجليزي الغاشم.
اسمه أحمد بن على الصافي الحسيني العلوي، يرجع نسبه للإمام موسى بن جعفر الكاظم؛ ولد في عام 1897 في مدينة النجف، وعاش في دول عربية كثيرة منها إيران وسوريا ولبنان، وله أصول دينية علمية حيث أنه ينحدر من عائلة آل السيد عبد العزيز؛ مات والده في وباء الكوليرا آن ذاك وكان يبلغ من العمر 11 عام، وقام أخوه الأكبر بكفالته وتربيته واسمه محمد رضا؛ وماتت أمه بعدها وعمره 15 عام، وكان قد أشرف عليه أخوه لتعليمه علوم الأدب والطبيعة والفلك والكواكب والطب العربي، ثم درس بعدها اللغة العربية على أصولها بقواعدها ومعانيها وتعلم الفقه على يد الأساتذة الكبار.
بدأ بنظم الشعر منذ صغره، وعندما أصبح عمره عشرين عام انتقل من النجف إلى البصرة بسبب الحرب العالمية الأولى باحثاً عن العمل، لكنه لم يجد عملا لأنه كان يعاني من الأمراض ومعتل الصحة، فترك البصرة ليرحل إلى عبدان، ثم رحل بعدها إلى الكويت، وبعد عدة سنين عاد للنجف -مسقط رأسه- بدون عمل مجدي، فهم وعمل على الإهتمام بالدراسة وخاصة اللغة العربية وفنونها.
قام بالمشاركة في ثورة النجف ضد الإحتلال الغاشم، وكان أخوه أحد الثوار المهمين في الثورة، وقام الجيش البريطاني بإعدامه في عام 1920م؛ تعرض الشاعر المناضل بعدها للإعتقال من أثر عمله الثوري في ثورة رشيد علي الكيلاني وكانت في العام 1941م، فقال السيد فالح ناصيف الحجية عنه أنه عاد أحمد الصافي النجفي خلسة إلى العراق، وراح ينظم الشعر الوطني -يهاجم فيه الإستعمار والمستعمرين- حتى ألهب الحماس في قلوب العراقيين فقد قال:
لئن أسجن فما الأقفاص إل ... لليث الغاب أو للعندليب
واستطاع بعد انتهاء الثورة من التخفي بنجاح والهرب من بلدة إلى أخرى حتى وصل إلى إيران وقام بدراسة اللغة الفارسية وعمل أستاذ في المدارس الثانوية الإيرانية للغة العربية لمدة عامين، وبعدها انتقل ليعمل محرراً ومترجماً في الصحف الإيرانية، وقام في هذه الفترة من حياته بالعمل على ترجمة الكتب من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية، ومن أشهر كتبه المترجمة كتاب الرباعيات، وبعد ثمانية سنوات من الحياة الهادئة في إيران قام بالعودة إلى موطنه الأصلي، ولكن سرعان مابدأ الإشتكاء من الأمراض الكثيرة والمتعبة والتي قد أعيت جسده المنهك والعليل فأشار عليه الأطباء بالإنتقال إلى سوريا أو لبنان لاعتدال المناخ فيهما ليشعر ببعض الإرتياح والنشاط، وبعدها رحل إلى سوريا وارتاح فيها فعاش فيها لمدة 46 عام، توفي في بغداد عام 1977م بعد إصابته في الحرب الأهلية اللبنانية، وأعيد للعراق لإجراء عملية له وتوفي بعدها بأيام عن عمر يناهز 80 عاما.