ابن سنان الخفاجي وهو عبدالله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي ، كنيته " أبو محمد " ويهود نسبه إلى بني خفاجة ، مولده ووفاته سنة (423ـ466هـ/1032ـ1073م) ، وهو من قبيلة عربية تنتمي إلى بني عدنان ، كان أبوه من أعيان قلعة عزاز ، وهي قلعة تقع حول مدينة حلب ، وكانته عائلته من العائلات المشهورة بالفصاحة والأدب والعلم ، ذهب ابن سنان الخفاجي إلى حلب ، وتلقى علمه عن علماء مدينة حلب ، ومن أهم العلماء الذين تلقى ابن سنان العلم عن أيديهم كان أبو العلاء المعري ، وتتلمذ على يدي أبو العلاء المعري ، وقد تأثر ابن سنان من نهج وعقلية أبو العلاء المعري ، فكان سيتخدم الكثير من شعره في كتبه ، وأخذ منه نظرة التشاؤم والسخط على ما يجري من حوله ، وذكر عن هذه النظرة فيما قاله :
أستغفرُ اللهَ لا مالٌ ولا شرفُ ... ولا وفاءٌ ولا دينٌ ولا أنفُ
كأنما نحنُ في ظلماءَ داجيةٍ ... فليس ترفعُ عن أبصارِنا السجف
كان ابن سنان الخفاجي تربطه صلة مع وزير من حلب كان يدعى أبي نصر محمد ابن النحاس ، وهذا ما ميزه عن أبي علاء المعري ، فإن أبي علاء لم يتدخل ولم يقترب من الحياة السياسية ولم يطمع يوماً بأن يصل إلى أي منصب سياسي ، ولكن ابن سنان دخل السياسة عن طريق الوزير الذي قربه من أمير حلب ، فعينه في منصب والي قلعة عزاز ، ولكن لم يقتنع بهذا المنصب وكان يطمح لأعلى منه بكثير ، فشعر الأمير بذلك ، فلما عصى ابن سنان في قلعة عزاز ، جعل الأمير يكيد له ويدبر له حيلة ليتخلص منه ، فدفع بأخدهم فوضوعوا له السم وقتلوه ، وهكذا كان سبب وفاة ابن سنان ، وأخذوه إلى مدينة حلب ودفنوه فيها . كان ابن سنان معروفاً بعلمه الكبير في الأدب والبلاغة العربية ، فكان شاعراً وناقداً ورائداً في علم البلاغة ، وكان من أهم أعماله التي كانت سبباً في شهرته هو كتابه " سر الفصاحة " عام 454 هـ ، والذي حاول في هذا الكتاب أن يرجع السمات الأدبية إلى الفصاحة ، مما جعل هذا الكتاب يأخذ مكانة عظيمة بين الباحثيين والنقاد ، وكان هناك الكثير من النقاد الذين أثنوا على هذا الكتاب فكان منهم ابن الأثير .
وكان له الكثير من الكتب الأخرى منها : كتال " الحكم بين النظم والنثر " ، وكتاب " عبارة المتكلمين في أصول الدين " ، وكتاب " في رؤية الهلال " ، وكتاب "العروض" . وكان له الكثير من الأبيات الشعرية ، ومنها ما وصف فيها نفسه حيث كان رافضاً للواقع ، يطمح دائماً للاحسن وأفضل ، وكان شعره يتصف بقوته وروعته وفخامته . غالباً ما يأخذ شعره طابع المدح ، فكثيراً ما مدح الأمير محمود الذي صلى عليه عند وفاته ، وأخذت بعض قصائده طابع الغزل والفخر ومنها ما أخذ طابع الرثاء .