من علماء العصرالعبّاسي، إشتهر بعلمه المتطور للطب، وإصداره للكتب الطبية بشكل عام والعيون بشكل خاص، ومثله مثل سائر علماء العرب في تلك الفترة تميز بالحنكة والذكاء وحب طلب العلم، وعدم التخاذل في العمل والتشعب في العديد من الأعمال العلمية والطبية والأدبية، مما عرف عنه بأنّه عالم ومترجم وعالم لغات وطبيب، معتنق للديانة المسيحية، ولقد ولد عام 810م _194هجري، في الحيرة وتعود أصول عائلته لها.
كان والده يعمل صيدلانياً ويمتلك حانوت يبيع فيه الأعشاب، وهذا ماجعله يصبح تواقاً شاغفاً للعمل بالطب وممارسته، فبدأ بداية حياته بتعلم السريانية والفارسية والعربية، فأصبح ملمّاً بالغات العالمية للعلوم الأخرى، ومن شدة شغفه بالتعلم لمهنة الطب وحبه لها سافر إلى بغداد لطلب العلم هناك لدى طبيب معروف كان يمارس الطب لدى بلاط القصرالعبّاسي، ومما كان يجعل الجميع يستغرب أن أهله يتقنون التجارة ويبدعون فيها وهو يهوى الطب فعندما كان منه أن سأل سؤال لم يعجب الطبيب، فقال له إذهب وإعمل في التجارة مثل سائر أهل الحيرة فأمر فأخرج من مجلسه وهو مكسور الجناح، غضب حنين فأخذ على نفسه عهداً أن يتعلم الطب بنفسه.
وفعلاً رحل إلى بلاد الروم ليطلب العلم فيها، وهناك غاب عامين قضاها في تعلم الطب، واللغة اليونانية لأنها كانت المصدر الأساسي لتعلم الطب في ذلك الزمن، وتحصّلَ في تلك الفترة على بعض كتب الطب وقام بقرآءتها ودراستها، وأصبح يجيد إنشاد الشعر باليونانية، وبعد إنقضاء العامين عاد إلى بغداد ليعمل فيها مترجماً في بيت الحكمة، وكان هذا في أواخر عهد الخليفة هارون الرشيد، وقام في هذه الفترة بترجمة العديد من الكتب مثل كتاب الطبيب "جالينوس" اليوناني الشهير، وعندما رأى الطبيب يوحنا ترجماته إستغرب منها وعلم أنه لم يقدره حق قدره ولاعلمه، مع العلم أن حنين كان لم يتجاوز الثلاثين من عمره.
عمل على ترجمة مئة من الأعمال الترجمية المبدعة، ولم يقتصر عمل حنين في بيت الحكمة فقط على الترجمة بل أيضاً عمل على تصحيح ترجمات غيره من المترجمين وتعديل الأخطاء الترجمية لتصبح أكثر دقة في المحتوى.
عرف عن مؤلفاته أنها شملت 100 سنة من العلوم والمعرفة اليونانية، كانت كافية لجمع كل العلم بالطب اليوناني، من المعروف عنه أنه عاصر تسعة من الخلفاءالعبّاسين، لقب برئيس طب العيون، أصبح في عهد الخليفة المتوكل طبيب الخليفة الخاص وكان على علاقة قوية به.
عندما كان حنين يترجم العلوم كافة وكان يدقق على علوم طب البدن وعلوم طب العيون، لقد قام حنين في أواخر أيامه بتأليف معجم خاص بالغة السيريانية، ومعجم آخر بالغة اليونانية وللأسف الإثنان مفقوداً، ومن هنا نرى حب العرب للعلوم وشغفهم للمعرفة، كل هذه كانت ما هى اسباب رئيسية لحصول العرب على التقدم والتطور الذي كان في العصرالعبّاسي.