هو عبدالرحمن بن الكمال الأسيوطي والذي اشتهر باسم جلال الدين السيوطي وهو واحد من أكبر علماء المسلمين السنة، أشهري شافعي، ولد العام السيوطي في العام 849 ميلادية لأسرة كانت تشتهر وبشكل كبير بالعلم وحسن الخلق والتدين، حيث كان لوالده مكانة رفيعة في العلم الشرعي جعلت العديد من الناس يرسلون أبناءهم إليه ليتتلمذوا على يديه، توفي هذا الأب في عندما كان عمر جلال الدين ست سنوات، فنشأ يتيماً وحفظ كتاب الله تعالى قبل أن يبلغ عمره 8 سنوات، واتسعت آفاقه بعد أن اتسعت محفوظاته، فقد حفظ السيوطي كتباً عديدة مثل كتاب العمدة وألفية بن مالك بالإضافة إلى منهاج الفقه والأصول، تأثر الفتى السيوطي بعدد من الائمة في عصره منهم الإمام الكمال الحنفي الذي تولى أمره بعد وفاة والده واهتم به اهتماماً كبيراً وشديداً. طاف السيوطي البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً فقد زار الحجاز واليمن وبلاد الشام بالإضافة إلى بلاد المغرب العربي كما أنه وصل إلى الهند، كما أنه السيوطي كان قد درس في المدرسة الشيخونية، إلا أنه وبمجرد إتمامه لسن الأربعين كان قد تفرغ للتعلم والتأليف.
عاصر السيوطي أحداثاً عظيمة في العالم الإسلامي، ففي زمانه انتهت الخلافة العباسية على يد المغول، بالإضافة إلى أنه عاصر سقوط الأندلس وزوالها من أيدي المسلمين، إلى جانب ذلك فقد عاصر هذا الإمام انهدام المكتبات وإحراقها على أيدي المغول ومحاكم التفتيش فقد وضع العالم الإسلامي في ذاك الزمن بين فكي وكاد أن يتلاشى ويختفي لولا أن قيض الله تعالى له رجالاً أخرجوه متعرف ما هو فيه. إلا أنه وعلى الرغم من هذا التدهور الكبير في أحوال المسلمين إلا أنه كان هناك العديد من الأمور الإيجابية التي عاصرها السيوطي، والتي من أبرزها على الإطلاق ظهور العلماء الجدد في العالم الإسلامي واللذين من أبرزهم القلقشندي وابن منظور والنويري وغيرهم العديد من العلماء الذين كان لهم أيادٍ بيضاء على العرب والمسلمين.
واجه السيوطي العديد من المشاكل وعيوب مع العديد من علماء ذلك الزمن، إلى درجة جعل البعض منهم يتهمونه بالسرقة من الكتب الأخرى، وكان لهذا دور كبير في تأليفه للعديد من الرسائل التي دافع بها عن نفسه دفاعاً مستميتاً مما أدى به إلى نهاية المطاف إلى اعتزال التدريس والإفتاء والتفرغ للعلم والتأليف، ومما دفع البعض أيضاً إلى أن يعتذروا إليه. توفي الإمام السيوطي – رحمه الله تعالى – في القاهرة في العام 1505 ميلادية، وقبره معروف إلى الآن خارج باب القرافة في القاهرة.