يعد أبو الفتح البستي أحد الشعراء المجهولين بالنسبة لقراء اللغة العربية ، و هو أحد شعراء العصر العباسي و من السياسيين البارعين في تلك الفترة أيضاً ، و ترجع عدم شهرة أبو الفتح البستي النسبية إلى أنه كان بعيداً عن مركز الخلافة في ذلك الوقت أو على الأقل المدن الثقافية العربية الأشهر في العراق و الشام ، حيث كان وزيراً لأمير إمارة " بست " التابعة لولاية " سجستان " و قد ظهرت تأثيرات عمله في الدولة في أشعاره ، حيث كان منوطاً به بصفته أحد أدباء الدولة أن يستغل ذلك في الدعاية ، و قد قال في ذلك : قل للأمير أدام ربي عزه .. و أناله من فضله مكنونه إني جنيت و لم يزل أهل النهى .. يهبون للخدام ما يجنونه و لقد جمعت من العيون فنونها .. فاجمع من العفو الكريم فنونه من كان يرجو عفو من هو فوقه .. عن ذنبه فليعف عمن دونه و الواقع أن لأبي الفتح البستي تاريخ مجهول من الناحية العملية ، حيث عمل في منصب رئيس ديوان الأمير ناصر الدين سبستكين والي غزنة ، و كان لزاماً على أبو الفتح الذي اطلع بدور كبير في تلك الإمارة أن يقوم بالعمل السياسي في تعميق العلاقات مع الدول المجاورة كالدولة السامانية في بخارى ، و الدولة البويهية في فارس ، و دولة الترك الواقعة في منطقة ما وراء النهر . و ذلك لحفظ الإمارة من الأخطار الخارجية في وقت كان المير ناصر الدين سبستكين يقوم بالغزو على الهند و يفتتح الكثير من الإمارات و المدن الواقعة في تلك المناطق الفسيحة من أواسط قارة آسيا ، و قد نجح أبو الفتح البستي في مهامه نجاحاً باهراً ، حيث أدى عمله إلى جانب الفتوحات التي قام بها ناصر الدين سبستكين إلى أن أصبح مهيمن بشكل كامل على الدولة السامانية التي كان تابع لها في يوم من الأيام . أما عن ممارسته للأدب ، فقد استغلها احسن وأفضل إستغلال للدعاية السياسية ، حيث تحدث عن مظاهر عصره و ملوكه و قام بتمجيد الفتوحات التي قام بها ناصر الدين سبستكين و وثق لها بشكل جعلها أهم المصادر التي تتحدث عن فترة ما قبل قيام الدولة الغزنوية . و لا ينسى أيضاً ما كتبه من أشعار تحتوي على حكمته و خبراته التي اكتسبها في الحياة و فلسفته ، و كانت أشعاره تعبر عن رؤيته العامة للكون و أحوال البشر ، و مما قال البستي من أشعار : إذا تحدثت في قوم لتؤنسهم .. بما تحدث من ماض و من آت فلا تعد لحديث إن طبعهم .. موكل بمعاداة المعادات و قال أيضاً : تحمل أخاك على ما به .. فما في استقامته مطمع و أنى له خلق واحد .. و فيه طبائعه الأربع .