قرأنا منذ القدم عن شخصيات تركت بصماتها في تاريخنا العربي ، وجعلتنا نفخر بأمجاد الماضي ، ومجريات ما حدث على أرض الواقع ، فلا يمكن لأحد أن ينكر ما قد وصل إليه العرب القدماء ، من حضارة ، عجز الغرب عنها ، وعجز عنها باقي العالم ككل ، فكانت منطقة الدول العربية ، كأنها منطقة مضيئة على خريطة مطفأة الأنوار ، كلها نور وما حولها ضباب ، تعجز عن رؤية أصبعك أمامك ، فكان هذا تطور ملموس شهده العرب في القديم ، منذ بداية الدعوة الإسلامية ، وحتى أواخر العهد العثماني ، فقبل أن يستولي البريطاني على الدولة العثمانية ، عاش العرب بأمجاد وعراقة ، واستطاع أن تمتد فتوحاته إلى أبعد المستويات ، فكانت البطولات تتلاحق ، والانتصارات تتوالى ، والعالم كله يشهد مواصيل العرب في تلك الحقب.
وحديثنا هذا سيدور عن شخصية حقيقية عاصرها العرب في العصر العباسي ، وقت العهد الذهبي ، الذي كان فيه كل شيء مباح ، وكل شيء متوفر ، في وقت كان للعربي هيبته ، ومشيته على الأرض كانت تهز أواصر العالم وأوسطه وأخره ، وهو أبو زيد الهلالي ، وكم سمعنا هذا الإسم ، وتردد على مسامعنا ، فكنا نسمع عنه الحكايات ، كأنه شخصية خيالية ، ونحتد عندما نسمع عن بطولاته ، وكنا نكون في غاية السعادة ، ونحن نشعر أن هناك أبطالاً مثلوا ثورتنا العربية ، وامتداداتنا على مستوى العالم ككل ، هو أبو زيد الهلالي ، سلامة بن رزق بن نائل من بني شعيثة بن الهزم ، اعتبر من أشهر العرب القدامى ، خاض في سيرته العديد من الممثلين العرب ، وعلى رأسهم الممثل السوري صاحب الوجه النقي ، والفخامة والعراقة سلوم حداد ، واستطاع أن يجسد في مسلسله العراقة والرقي الذي تمتع به صاحب الشخصية الحقيقية ، فهو صاحب بطولات ، وصولات وجولات ، ولا يمكن التغاضي عن قدراته الخرافية في خوض الصعاب ، والالبحث عن المتاعب ، في وسيلة منه للهروب من الواقع الأليم ، بانتشال الحق مهما صعب دربه ، وكثر أعداؤه ، فنجده صاحب شخصية فذه ، عشقها الصغير قبل الكبير ، كان حامياً لقبيلته ، راعياً لها ، لا يدع مخلوقاً يقترب منها ، ولا يتنازل عن حق صغير فيها أو كبير ، هو أبو زيد الهلالي ، صاحب أشهر شخصية تاريخية على مستوى الوطن العربي ، فعندما نرى شخصاً يدافع عمن حوله بشراسة ، نقول هذا أبو زيد الهلالي ، في تشبيه واضح وصريح بما كان يشتهر به أبو زيد الهلالي الأصلي .
ختاماً فإن وجود شخصيات في مجتمعاتنا العربية القديمة كهذه شيء يوحي بالعزة والكرامة .