الرّؤيا في الإسلام
حدّثنا القاسم بن موسى قال: حدّثنا العبّاس بن يزيد البحراني، حدّثنا يزيد بن زريع، حدّثنا شعبة عن قتادة عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الرّؤيا ثلاث: فرؤيا يُحدّث بها الرّجل نفسه، ورؤيا تخزين من الشّيطان، ورؤيا حق. وكان يقول: إذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل. وكان يقول: أحب القيد وأكره الغل , القيد في النوم ثبات في الدين. وكان يقول: من رآني في المنام فقد رآني؛ فإنه ليس للشيطان أن يتمثل بي. وكان يقول: لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح. التّرمذي،2280
آراء المُفسّرين
تشابه رأيا كلّ من النّابلسي وابن شاهين في تفسير الزّواج مع تفسير ابن سيرين، فيبدأ ابن سيرين قوله في باب تفسير الزّواج بأنّه يدلّ في المنام على العناية من الله تعالى، وربما دلّ الزّواج على الأسر والدَّين والهمّ والغمّ، فإن تزوّج الإنسان امرأة مجهولة دلّ ذلك على قرب الأجل والرّحلة من دار إلى دار، وإن كان صالحاً للإمارة تولّى أو نال منصباً يليق به، وإن كان بزفاف حسب العادة فهو منصب أو صيت حَسَن، والزّواج يُعبّر بالحرفة، فمن رأى أنّه تزوج امرأة ثم ماتت فإنّه يعمل في حرفة لا ينال منها إلّا العمل والعناء والهمّ.
ومن رأى إنساناً تزوّج بامرأة ونقلها إليه ينال مالاً، ومن رأى أنّه تزوّج ابنة شيخ مجهول فإنّه يصيبُ خيراً كثيراً، ومن رأى أنّه تزوّج امرأة وله زوجة أو زوجات أصاب خياراً وسلطاناً بقدر جمال المرأة وهيئتها إذا عاينها وعرفها، فإن هو لم يعرفها وكانت تجهز له، فذلك دليل على موته أو موت إنسان على يديه، ومن رأى أنّه تزوج ذات محرم فإنّه يسود أهله. والزّوجة في المنام شريك، أو عدو، أو سلطان جائر، أو خصم لدود، أو ملك، وكل ما دلّت الأرض عليه من راحة، أو تعب، أو خير، أو شرّ، فانسب للزّوجة مثله لدلالته عليها.
ومن رأى أنّه تزوّج امرأة ميّتة من محارمه فإنّه يصل رحمها، وإن كانت حيّة قطع رحمها، ومن رأى زوجته تزوّجت برجلٍ وأصبحت زوجة السّلطان نال ملكاً إن كان أهلاً لذلك، وإلا تولى ولاية، ومن تزوج بامرأة ميتة ظفر بأمر ميّت قد يئس منه، وإذا تزوجت المرأة المريضة ولمن تعاين الزّوج ولم تعرفه فإنّها تموت، وكذلك الرّجل المريض إذا تزوج في منامه ولم يعاين المرأة ولم يعرفها فإنّه يموت، ومن زوّج أمه فإنّه يبيع عقاره، وإن رأى امرأة أنّها تزوّجت شيخاً مجهولاً فأنها تُصيب خيراً كثيراً، وإن كانت مريضة شُفيت من مرضها.
من رأى أنّه تزوّج بامرأة يهوديّة فإنّه يسعى في حرفة ينال منها إثماً واجتراءً على المعاصي، ومن رأى أنّه تزوّج بامرأة نصرانيّة فإنّه يسعى في حرفة فيها باطل، وإن كانت مجوسيّة فهي حرفة بلا دين، ومن تزوّج بزانية فهو زان، ومن تزوّج بزوجة سليطة فإنّه يُقيَّد بقيد ثقيل.
يُفسّر حلم المرأة بشكل عام أنّها إذا تزوجت المرأة العازبة (البنت) أو المُتزوّجة في المنام فإنّها تنال خيراً، وإذا تزوّجت المرأة برجل ميّت تشتّت شملها وافتقرت، وإذا رأت المرأة الحامل أنّها تزوّجت فإنّها تضع جارية، وإذا جُلِيَت كالعروس فإنّها تضع غلاماً، وإذا رأت امرأة وكان لها ابن أنّها تزوّجت فإنّها تزوّج ابنها، وإن رأت أنّها متوجّهة إلى زوج وهي مُزيّنة وما وصلت إليه فإنّه يدل على قرب أجلهـا، وإن رأت أنّها وصلت إلى زوجها وغشيها فإنّه يدل على حصول منفعة وسرور لها بقدر زينتهـا ولباسها.
الحلم بالزّواج وعلاقتها بالواقع
بتفسير الحديث إذا رأت الزّوجة في المنام أن زوجها قد تزوج بأخرى، فلا ينبغي أن تُقيم الدّنيا ولا تقعدها، أو أن تقلب حياتها رأساً على عقب، فإنّ هذه الرّؤيا على ثلاثة أنواع، أو أنّها تحتمل أحد ثلاث احتمالات، الأعمّ والأغلب أنّها من كيد الشّيطان للزّوجة ويريد أن يُحزنها ويخوّفها ويوقع بينها وبين زوجها، ذلك أن الشّيطان كما يكيد للمرأة في اليقظة، يكيد لها في المنام، فيُريها ما يُخيفها وينغّص عليها ويحزنها، فبعد أن يتأكّد أن أشدّ ما يُخيفها اقتران زوجها بأخرى، يقوم بتخيّيل ذلك لها في منامها. ولأنّ الشّيطان عرف أنّ حلم زواج بعلها بأخرى يُحزنها ويُقلقها ويحرق قلبها فسوف يقوم بتكرير تخيّلها ذلك في منامها، فتقومُ الزّوجةُ من نومها فزعةً، وتسمع شخيرَ زوجِها، فتُمسكُ بعنقه لتخنقه بكل قوةٍ وغيظ وهي تقول: فعلتها يا عدو الله، وهو مسكين ما فعلها، ولن يفعلها، وإنما خَيَّل الشّيطانُ إلى زوجته بذلك.
وإذا تأخّر حمل الزّوجة وخافت أن يتزوّج عليها بسبب ذلك، وربما أبدت هذا الخوف لبعض المُقرّبين منها، فمن المؤكّد أن ترى في المنام أنّه تزوّج، وهذا لا تفسير له لأنّه أضغاث أحلام يراها الشخص لكثرة تفكيره بها في النّهار، فتلحقه ليلاً، وقد تُفكّر الزوّجة في زواج زوجها بسبب أنّ صديقاً له قد تزوّج على زوجته بالفعل، فلا بد أن ترى في منامها أنّه قد تزوج بأُخرى، وهذا أيضاً لا تفسير له.
والاحتمال الثّالث أن تكون رؤيا حقّ ويكون لها معنىً، فقد يُفسَّر الحلم بأنّه سينشغل بمُهمّة مُعيّنة أو وظيفة أخرى أو بعمل إضافي، فلا داعي للقلق. وقد تكون رؤيا المرأة زوجها ناقوس خطر لها وتحذير شديد اللّهجة بضرورة الاهتمام به، وأن كثرة العتاب والمشاكل وعيوب قد تؤدّي لهروبه منها لأخرى. والاحتمال الأضعف النّادر أن رادار المرأة يعمل بطريقة جيّدة وأنّه يستطيع أن يرصد عن بعد تحرّكات زوجها بدقّة.
