من الأمور الطريفة والممتعة في هذه الحياة أن يقال لك في بعض الأحيان: "إن هناك شخص ما يشبهك"، أو "أنك تشبه فلانا". مع هذه الكلمات وعبارات تزداد سعادة الإنسان، ويشعر بأنه يخطر على بال الآخرين كلما رأوا إنسانا يشبهه، أوكلما وجدوا فيه صفة أو شيئا ما يشبه به إنسانا آخر، فيشعر أنه دائم التواجد في حديث الآخرين وفي تفكيرهم. إن هذه السعادة تزداد كلما كانت الشخصية التي يشبهنا بها الآخرين شخصية ناجحة في مجالها، أو معروف عنها سعيها إلى عمل الخير مثلا، أو شخصية بارعة في الفن أو شخصية واسعة الثقافة والاطلاع، كالكتاب مثلا.
"يخلق من الشبه أربعين" مثل شعبي دارج على لسان الكثيرين، يقال عندما نريد أن نشبه إنسانا بإنسان آخر يتشابه معه في سلوكه، أو صفاته، أو قوله، أو حتى عندما يكون هناك تقارب كبير في الشكل والمظهر. قد يكون هذا المثل فيه نوع من تحديد العدد، وهو ما يتنافى مع قدرة الله - عز وجل - على أن يكون جميع البشر متشابهين، ولكن لنأخذ المثل على أنه تعبير عن وجود بعض الصفات والمظاهر التي قد يتشابه به الآخرون بعيدا عن التشابه في المظهر، أوالملامح، فجميعنا سمعنا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف" بمعنى أن الروح التي يودعها الله في الإنسان هي أول ما يتقارب، أو يتنافر في اى علاقة بين الأشخاص، وبالتأكيد كلنا شعرنا بذلك.
بالتأكيد إن كل واحد منا يشعر بالراحة عند تعامله مع إنسان معين، أو حتى إذا لم يتعامل معه، فقد يشعر بالراحة لمجرد ذكر اسمه، بل نجد أن البعض يسعى إلى أن يصبح مثل هذه الشخصية التي يأنس بها، فيسعى إلى تطوير نفسه ومهاراته، إلى أن يكون مثل السياسي الذي يعجب بحنكته السياسية مثلا، أو الكاتب الذي يحب أن يقرأ له كتبه ورواياته، فيبدأ بالتقرب منهم، وتقليدهم كبداية، ومن ثم السعي إلى أن يكون مثلهم.
وعلى العكس تماما نجد في بعض الأحيان ما إن يتم ذكر اسم شخص معين حتى ينتابنا شعور بالرغبة في ترك المكان الذي يتم ذكر هذا الشخص فيه، فنجد أنفسنا لا نحب سماع اسمه ولا التعرف على أعماله، مع ملاحظة أن هذا الامر ليس صحيحا بشكله العام، فإن كنا نعرف هذا الشخص جيدا فيمكن أن يتم تقبل هذا النفور منه، أما عندما نكون لا نعرف عنه أي شيء، وقد كونا عنه فكرة مسبقة، فهذا أمر لا يليق، فقد يكون هذا الإنسان إنسانا رائعا إذا اقتربنا منه، أو إذا قرأنا عنه بشكل أكبر، وبالتالي لا نريد أن يكون عدم انجذابنا إلى أحد تعرف ما هو إلا نظير حكم مسبق عليه.
لنسعى دائما إلى أن نتشبه بمن هم أهل لذلك، أهل الإنجاز، والعمل الدائم، والأخلاق الحميدة.