لا تستقيم أمور الحياة بدون وجود العدالة بين أفراد المجتمع ، فالله سبحانه و تعالى من صفاته أنّه العدل ، فهو سبحانه عنده العدل المطلق ، و قد حرّم الظلم على نفسه و جعله بين العباد محرماً ، فنقيض العدل هو الظّلم ، و الظّلم هو ظلمات يوم القيامة و عاقبته وخيمةٌ في الدّنيا و الآخرة .
و قد رتّب الله سبحانه و تعالى على كلّ راعٍ و مسؤولٍ أن يحكم بالعدل بين رعيّته ، قال تعالى مخاطبا نبيّه داود عليه السّلام ( يا داود إنّا جعلناك خليفةً في الأرض ، فاحكم بين النّاس بالحقّ و لا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل الله ) ، فالعدل هو أساس الملك ، و العدل هو أروع و أسمى المعاني الإنسانيّة بين البشر ، و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم جزاء العدل و العادلين ، فمن بين الأصناف الذين يظلّهم الله بظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه ، إمامٌ عادلٌ ، فالعدل هو الذي يحقّق العدالة و المساواة بين البشر ، فتشيع الطّمأنينة بينهم و الرّضا ، فحين يعلم الإنسان أن هناك من يحقّق له العدل في الأرض يهدأ باله و تطمأن نفسه فيبذل من الجهد و العطاء ما لا يبذله في حال الشّعور بالظّلم و هضم الحقوق .
و لا ريب بأنّ الله سبحانه و تعالى قد أباح التّعدد ، فللمسلم أن يتزوّج مثنى و ثلاث و رباع ، و لكن على المسلم حين يفعل ذلك أن يتفطّن لمسألةٍ غايةً في الأهميّة و هي أنّه مطلوبٌ منه أن يعدل بين أزواجه ، فالعدالة شرطٌ أساسيّ للتّعدد ، و المسلم إذا كان غير قادرٍ على تحقيق هذا الشّرط عليه أن يبتعد عن التّعدد حتى يتجنّب عقاب الله .
و العدل المطلوب من الزّوج تحقيقه بين أزواجه هو العدل الماديّ ، بمعنى أنن يقوم الزّوج بتوزيع الرّزق و الطّعام و غيره بين أزواجه قسمةً عادلةً لا زيادة فيها لإحداهن عن الأخرى فإذا أحضر على سبيل المثال رطلاً من الفواكه ، وجب عليه أن يوزّعه بالعدالة ، فإذا كانت عنده ثلاث زوجاتٍ دفع لكلّ واحدةٍ منهنّ رطلاً حتى يحقّق العدالة ، و لا شكّ بأنّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم كان قدوةً في ذلك .