مقدمة
في حياتنا أشياء وأمور نقف عندها، ولا نستطيع أن نكمل حياتنا بدونها، فمثلاً لو افترضنا أننا نعيش في هذه الحياة بلا أي مشاعر اتجاه الأشخاص المحيطين بنا، لما استطعنا التلذذ بهذه الحياة مطلقاً، ولكنا كالذي يوقد النار ليشعر بالدفء ثم يجلس بعيداً عنها، فأكثر الأشياء التي تؤلم حياتنا حقاً هي الشعور بأنّ الحياة خالية ممن نحب، وأن المشاعر التي نكنّها لأشخاص من حولنا غير كافية لأن تعطينا الشعور بالأمان.
أودع الله الإنسان على هذه الأرض، وجعل الناس فيما بينهم عبارة عن شعوب وقبائل، وكان الهدف من ذلك الشعور بالرضا، والراحة النفسية التي عجزنا عن الشعور بها في حياتنا بمختلف الأوقات، وكانت الأسرة هي الملاذ الآمن، فلولاها لأصبحنا مشردين في هذه الحياة بدون أي هدف يذكر، وفي ذلك شأن الدين الذي جعل أبغض الحلال عند الله الطلاق ، والسبب في ذلك حتى لا تتفكك الأسر، ويصبح الأفراد بلا مأوى لهم .
كيف أرضي أمي
ولكي نرضي الأم يجب علينا أن ننظر إلى الأشياء التي قدمتها لأبنائها، ونقدّم ولو جزءً بسيطاً من حجم التضحيات التي قدمتها لنا ومن أهم المظاهر التي تساعد في إرضاء الأم.
استمع لحديثها
فكلام الأم من المفترض أن يكون منزلاً بالنسبة للأبناء، فلو أردت أن تكتسب رضا الأم فما عليك إلّا أنّ تستمع لكلامها، وتحاول أن ترضيها بكل الطرق ووسائل الممكنة، والتي تؤدي إلى إسعادها.
اجلس بجانبها
فالأم تحب دوماً أن يأتي الأبناء ويجلسون بجانبها يتجاذبون معها أطراف الحديث التي من المفترض أن يكون عنها، وأن تحاول قدر المستطاع أن تعطيها أهمية وفائدة في حياتك، وأن تكون هي الأولى وما تبقى من نساء الأرض في المقام الثاني بعدها بشكلٍ عامٍ.
قدم المساعدة لها
فلو أردت أن ترضي أمك وتقدم لها شيئاً تبتهج به، حاول أن تكون بجوارها على الدوام، وأن تعمل على تقديم يد المساعدة لها في حال تطلب الأمر ذلك، ولا تستهين بالتصرفات الصغيرة التي تصدر منك، لأن الأم تصبح في فترة ما من حياتها حساسةً جداً تجاه الأشياء، فلا تحب أن تشعر أنها عبئاً على أبنائها، وهذا الأمر كان لا بدّ من التطرّق له بشكلٍ كبير.
تذكّر عيد ميلادها
فالأم تفرح حقاً في حال تذكرك لعيد ميلادها، فتذكر في الصغر، وانظر إلى الصور لتجد أنها لم تنسَ أبداً يوم ميلادك، وكانت تحتفل بك في كل الظروف، حتى في أحلك المواقف التي قد مرت بها، وربما كانت تصنع الكيكة المنزلية لتشعر بحبها وحنانها، وعندما تكبر لا تطلب منك الكثير، فربما هديةً صغيرةً قد تدخل في روحها سعادة كبيرة، لا تريد الأم شيئاً آخر غيرها.
ايّاك أن تشعرها بعجزها
فمهما بلغت الأم من العمر إياك أن تشعرها أنها أصبحت كذلك، بل أشعرها على الدوام أنّها ما زالت صبية جميلة في نظرك، وأنه مهما بلغ بها العمر فإنّها ستظل المرأة الاجمل وافضل والأهم في حياتك وحياة إخوتك، وكن دائم الود معها، وتلطف معها بالحديث، فالأم تتزعزع ثقتها بنفسها إن شعرت أنها أصبحت غير جميلة أو بها أي أمر قد يجعلها تغيب عن أسرتها.
اطلب منها أكلاتك المفضلة
فأكثر ما يشعر الأم بالحب والحنان والاهتمام أن يطلب منها ابنها أن تطهو له الوجبات التي كانت تعدّها له منذ الصغر، حتى لو أصبحت له عائلة وانفصل عنها، وأصبح خارج نطاق أسرتها، لأن ذلك يشعرها أنّها ما زالت محط اهتمام من الأبناء الذين يرجون رضا الأم على الدوام.
لا تتشاجر مع إخوتك أمامها
فمهما بلغ بك العمر، وشعرت أنك أصبحت كبيراً على إخوتك، فلا تتشاجر معهم أمام الأم، وأشعرها بأنك تحترم وجودها ولا تستغل ضعفها وتحاول إثارة المشكلات، لأن ذلك قد يمرضها، ويتعبها حقاً.
قبّلها وقت خروجك
فأشعر أمك على الدوام أنه لا خير لك في الدنيا بدونها وابقَ على تواصل معها مهما كبرت، وكن على يقين أن دعوةً واحدة من الأم كفيلةً بأن تنير لك دربك، وهذا ما عرفناه من رسول الله صل الله عليه وسلم.
الأم الحنون
ولأنها الأم التي ولدت والجنة تحت أقدامها كان لا بدّ لنا من التطرق ووسائل لكافة الأمور التي تعمل على إبهاجها وإسعادها وإدخال السعادة في قلبها، فهي الأم القلب الحنون الذي يخاف ويرجف إن أصابنا مكروه وتبقى ساهرة طوال الليل في حال شعر أحد الأبناء بالتعب أو المرض أو خلافه، فلا يمكننا أن ننسى التضحيات التي قدمتها الأم في حياتها، فهي كرست عمرها من أجل اسعادنا، وعملت على توفير كل المستلزمات التي نحتاجها، فمنذ أن كنا في اللفة والأم تحرم نفسها من أبسط الحقوق من أجل توفير كل ما يحتاجه الطفل، وبعد أن كبرنا، وكبرت مشاكلنا أرادت أن يكون أبنائها احسن وأفضل من غيرهم، فالتربية وحدها أذاقتها الأمرين، وأتعبتها حقاً، فالأم مدرسة كبيرة من المعاناة والمشاعر الحقيقية الجياشة، التي تربينا بها ووجدنا أنفسنا رجالاً ونساء لا نستطيع القيام بأي أمر بدون استشارة الأم التي دائماً ما تقدم لنا النصيحة مهما بلغ بنا العمر.
نظرة المجتمع للمرأة
ورغم كل المعاناة والتضحية التي قدمتها الأم في حياتها، والمشاعر الفياضة التي أرهقت قلبها، إلّا أنّ النظرة الدونية لها من قبل بعض الرجال جعلت المرأة تشعر أن تعبها كله ذهب هباء، فلو أردت أن تنظر لأحد الرجال المناهضين للمرأة لوجدته يجلس في حلقات العلم يشرح أهمية وفائدة ألّا تكون للمرأة أي أهمية وفائدة في المجتمع، وأنّه يجب أن يكون الرجل على رأس كل المناصب العليا، وينسى أن من أوصله لهذه المرحلة لم يكن رجلاً مثله، وإنّما كانت أماً، وروحاً وحناناً.
الموقف الذي اتخذّه البعض للمرأة جعلها تشعر أن معاناتها وتضحيتها كانت في محلها رغم كل ما كان، ورغم أّن الحياة بذلك لم تقف، ولا بدّ أن تقف المرأة المناهضة للعنصرية وقفا احتجاجية، تجمع العديد من النساء اللواتي عرفن قدرهن، وقدرتهن على ممارسة الأمور التي اعتاد عليها الرجال، بدون أي تذمر، وتطالب بحقها كإنسان له العديد من الحقوق التي هضمها المجتمع لمجرد أنها امرأة لا حول لها ولا قوة.
وختاماً، كان لا بد من التطرق ووسائل إلى أمر مهم وهو أن الأم مهما بلغ بها العمر إلا أنها ترى أبناءها أطفالاً صغار، فلا تتذمر من خوفها عليك، ولا تحاول أن تكون جافاً وجاحداً في تعاملك معها بل كن حنوناً في كلامك وتصرفاتك، واستقبل انتقادها ولا تتهاون في ذكر محاسنها وروعتها كامرأة، لأنها مهما كبرت فإنها تحب أن تشعر أنّها ما زالت أنثى جميلة في نظر من تحب، حتى لو كان أحد أبنائها، وحاول أيضاً أن تتذكر دوماً أن الجنة تحت أقدام الأمهات، فإن تذكرت هذه المقولة فإنك ستشعر بالراحة الأبدية التي تجعلك ترتاح لكل التصرفات التي تقوم بها الأم على الدوام، فلا عجب أن الله جعل رضاه من رضا الوالدين، لأن الأمر يتطلب جهداً حقاً من أفراد العائلة، وقد حث الدين إلى حسن العاقبة التي يحصل عليها الابن الذي يرعى والديه في الكبر، لأن ذلك يعني أنهما راضيان عنه بكل تأكيد.