تحتضن الأردن العديد من المواقع الأثريّة التي هي الأهمّ على خارطة المواقع العالميّة، ففي الأردنّ تعاقبت الممالك والعصور والدول والإمبراطوريات، ففيها الرومان والأنباط العرب، وفيها ممالك مؤاب وعمّون، ومدن التحالف العشر الديكابولس، كما تضم الأردن إحدى عجائب الدنيا السبع وهي البتراء التي نحتها العرب الانباط في الصخر وما تزال آثارها قائمة إلى يومنا هذا، وفي الأردن أيضاً مدينة جرش الرومانيّة القديمة التي تقع على مساحة شاسعة في مدينة جرش شمال الأردن، وفيها تجد المدرّجات الرومانيّة القديمة وشوارع الأعمدة حيث الأسواق القديمة، إلى جانب ذلك يتواجد في الأردن أيضاً قلاع الكرك وعجلون والشوبك، ومقابر الأنبياء ومواطن الشهداء حيث ارتوت أراضي الأردن في اليرموك ومؤته بدماء الصحابة واحتوى ثراها اجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وأحد معالم الأردن هي منطقة مكاور، هذهِ المنطقة التي تحظى باهتمام المسلمين والمسيحيين على حدٍّ سواء، ففيها دارت أعظم قصّة في تاريخ الأنبياء وهي قصّة النبيّ يحيى عليه السلام، وسنتحدّث في هذا الموضوع عن مكاور واين تقع وتوجد بالتحديد وتعرف على ما هى قصّة هذا المكان.
تقع مكاور جنوبيّ العاصمة الأردنية عمّان وبالتحديد في محافظة مادبا، حيث تبعد عن مادبا حوالي 32 كيلومتراً إلى جهة الجنوب الشرقيّ منها، وفي منطقة مكاور قلعة موجودة أعلى تلّة تُطلّ من جهتها الغربيّة على الأراضي المقدّسة ومنطقة البحر الميّت، حيث ترتفع هذه التلة أو الهضبة قرابة 730 متر عن سطح البحر، وتتميّز اطلالتها بمنظرٍ جذّاب خصوصاً مع عبق التاريخ الذي يفوح من جنَبات المكّان.
وقد تمّ بناء هذهِ القلعة التي تشتهر بها منطقة مكاور في العام 90 قبل الميلاد، وقد بُنيت لتكونَ حصناً منيعاً في زمن الحروب مع العرب الأنباط، وقد اتّخذها هيرودوس لهً سكناً وقصراً للراحة والاستجمام، ويوجد في هذا المكان قطعة فسيفسائية نادرة وهي جزء من الفنّ السائد في مدينة مادبا التي تُدعى بمدينة الفسيفساء، وهذهِ القطعة الفسيفسائية الأثريّة يعود تاريخها إلى القرن الأول قبل الميلاد.
ومن أهمّ الأحداث وأكثرها شجناً في هذا المكان هوَ حادثة مقتل سيّدنا يحيى عليه السلام، حيث تؤكّد المصادر التاريخيّة على أنّ مقتل النبيّ يحيى عليه السلام كانَ في منطقة مكاور وخصوصاً في القلعة زمن هيرودوس الذي قَطع رأس النبيّ الكريم وفاءً لإحدى الفتيات التي أراد الملك الزواج منها وهي محرّمةٌ عليه لقرابتها منه، وكانَ النبيّ يحيى عليه السلام من أشدّ المُعارضين لهذهِ الفاحشة وقد طلبت هذهِ الفتاة من الملك مهراً لها يتمثّل بتقديم رأس النبيّ يحيى عليه السلام، فما كانَ منه إلا أن أمضى جريمة التاريخ والبشريّة في نبيّ من أنبياء الله في مكان يُدعى بالمشنقة في منطقة مكاور.