بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد،
للعلم أهمية وفائدة بالغة في حياة الأفراد والمجتمعات والحضارات، فلم تكن البشرية لتتقدم وتتطور وتصل إلى ما وصلت إليه في زماننا من دون العلم والتعلم والبحث العلمي. فالإهتمام بالعلم وتحصيله هو من ما هى اسباب إزدهاز العديد من الحضارات على مر العصور والأزمان، وإهمال العلم وتحصيله هو السبب في تخلف الكثير من الشعوب وشيوع الجهل فيها، فالعلم هو مقياس الإزدهار والتحضر والتطور في الدول والمجتمعات.
إن خير العلوم وأشرفها وأفضلها على الإطلاق هي العلوم الشرعية التي يتعلم بواسطتها المسلم ما ينفعه في الدنيا والآخرة، ومنها: علوم القرآن والسنة والعقيدة والفقه، فيتعلم المسلم كتاب الله وسنة رسول الله، والفقه المستنبط من هذان الأصلان، ومن هذه العلوم الشرعية ما يجب على كل مسلم تعلمها، فيأثم إن لم يَطْلُبها، وهي العلوم التي يُصَحِّحُ بها المسلم عقيدته وعبادته، فيجب عليه أن يتعلم العقيدة وأصولها، كما يجب عليه أن يتعلم أحكام الطهارة والصلاة والصيام، وغير ذلك.
ولا بد للإنسان من إغتنام تحصيل العلم في الصغر، فسن الصغر هو السن الذهبي الذي يكون فيه الإنسان أكثر استعداداً لتلقي العلم، فالحافظة لديه في هذا السن تكون قوية، ويكون في هذا السن أكثر فراغاً ونشاطاً، فكما يقال: (العلم في الصغر كالنقش في الحجر). كما يجب أن يستمر الإنسان في طلب العلم طوال عمره، فالعلم من المهد إلى اللحد.
وهناك علوم دنيوية تتحقق بها مصالح البشر، وتتحقق بها عمارة هذه الأرض، وهذه العلوم هي علوم تخصصية، فكل إنسان يتخصص في علمٍ ما، فيقوم بتغطية جانب من هذه المصالح، ويقوم إنسانٌ آخر بالتخصص في علم آخر، فيغطي جانباً آخر، وبهذه الطريقة يتحقق التكامل بين البشر في توفير هذه المصالح.
ليست كل العلوم نافعة، فمن العلوم تعرف ما هو ضار، كتعلم السحر مثلًا. فتعلم هذه العلوم مُحَرَّم في الإسلام. وبالإضافة إلى كونها ضارة، فهي تَصْرِف الإنسان عن تعلم العلم النافع الذي تتحقق به المصالح، فتعلم هذه العلوم يجلب الأضرار، ويُفَوِّت المصالح.
إن اكتساب العلم والمعرفة عن طريق البحث العلمي المنظم، هو من أهم صور التحصيل العلمي؛ لأن البحث العلمي هو السبيل إلى حل المشكلات، وإبتكار النظريات وتطويرها، وإيجاد الأشياء المبتكرة، وتحسين تعرف ما هو موجود. فالبحث العلمي له أهمية وفائدة بالغة في تقدم الأمم ورقيها، فهو السُّلَّم الذي صَعَدَ عليه الغربيون، والذي أوصلهم إلى هذه الحياة المادية الباهرة التي نراهم فيها، ونحسدهم عليها، فالغربيون لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه لأن عقولهم خرافية واحسن وأفضل من عقولنا بكثير، وإنما لأنهم أعملوا عقولهم واستثمروا قدراتها، ووجدوا من دولهم الرعاية والتحفيز، والعناية الفائقة بالعلم والبحث العلمي.
ونسأل الله أن يصلح الأحوال، ونسأله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يزيدنا علمًا، إن سميعٌ مجيب الدعوات، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.