هو عالم من علماء الجماعة والسنة وإمام ، كنيته أبو سعيد ، وكان قد ولد قبل سنتين من إنتهاء الخلافة لعمر بن الخطاب تحديدا في عام واحد وعشرين من الهجرة وفي المدينة ، وكان قد تربى في بيت النبوة ، حيث كانت أمه تقوم بخدمة أم سلمة زوجة الرسول – صل الله عليه وسلم - فحينما كانت ترسلها أم سلمة في حاجاتها ويبكي أبو سعيد وهو طفل تقوم أم سلمة بإرضاعه ، وعندما كانت تقوم أم سلمة بإخراجه للصحابة دعوا له كما دعا له عمر بن الخطاب قائلا " اللهم فقه في الدين وحببه إلى الناس " .
هو ذلك العالم والأمام الحسن بن يسار البصري ، والذي حفظ القران الكريم في سن العاشرة ، وللحديث عن اسمه ونسبه وقبيلته فهو الحسن بن أبي الحسن يسار ، أبو سعيد ، مولى بن ثابت الأنصاري ، ويقال أيضا مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي .
أما أبوه فكان مولى جميل بن قطبة من سبي ميسان ، والذي سكن واعتق وتزوج في المدينة أثناء خلافة عمر بن الخطاب حيث ولد له بها الحسن .
كانت نشأة الحسن البصري في الحجاز وبين الصحابة الأمر الذي كان أدى لتعلمه منهم والرواية عنهم ، حيث عاش الحسن بين عدد من الصحابة والكبار منهم ، فقد حضر الجمعة مع عثمان بن عفان ، كما سمع عثمان وهو يخطب ، وكان شاهدا على استشهاده فكان يبلغ أربع عشرة سنة .
الحسن البصري كانت بهي الطلعة ، حسن الشكل ، وعظيم الزند فقد قال عنه محمد بن سعد " كان الحسن فقيها ، ثقة ، حجة ، مأمونا ، ناسكا ، كثير العلم ، فصيحا ، وسيما " كما قال عنه الغزالي أيضا " وكان الحسن البصري أشبه الناس كلاما بكلام الأنبياء ، وأقربهم هديا من الصحابة ، وكان غاية في الفصاحة ، تتصبب الحكمة من فيه " أي فمه ، وكان الحسن قد اشترك في فتح كابور حيث اتسم بالشجاعة في الحروب .
واتصف الحسن بعظامة الهيبة ، وأيضا كان كثير الحزن فقد قال عنه أحد الصحابة " ما رأيت أحدا أطول حزنا من الحسن ، ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة " ، أما حمزة الأعمى فقد قال عنه في هذا السياق : كنت أدخل على الحسن منزله وهو يبكي ، وربما جئت إليه وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه فقلت له يوما : إنك تكثر البكاء ، فقال : " يا بني ، ماذا يصنع المؤمن إذا لم يبك ؟ يا بني إن البكاء داع إلى الرحمة . فإن استطعت أن تكون عمرك باكيا فافعل ، لعلع تعالى أن يرحمك . ثم ناد الحسن : بلغنا أن الباكي من خشية الله لا تقطر دموعه قطرة حتى تعتق رقبته من النار .
كما قال الحسن البصري رحمه الله عن سبب حزنه : " يحق لمن يعلم أن الموت مورده ، وأن الساعة موعده ، وأن القيام بين يدي الله تعالى مشهده ، أن يطول حزنه " .
ومن ناحية علمه فقد كان الحسن أكثر أهل عصره علما فقد قال عنه قتادة " ما جمعت علمه إلى أحد العلماء إلا وجدت له فضلا عليه ، غير أنه إذا أشكل عليه كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله ، وما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن " .
و كان للحسن البصري مجلسان للعلم واحد منهم خاص في منزله ، و الآخر عام في المسجد وفيه يتناول الفقه ، علوم القرآن ، الحديث ، اللغة وغيرها من مواضيع ، واتسم بكثرة تلاميذه .
كانت وفاة الحسن البصري رحمه الله عشية الخميس ، الأول من رجب سنة عشر ومئة للهجرة ، حيث عاش ثمان وثمانين سنة ، أما جنازته فقد كانت مشهودة حيث صلى عليه المسلمون أيضا بعد صلاة الجمعة بالبصرة .
من أقوال الحسن البصري : " بئس الرفيقان الدينار والدرهم ، لا ينفعانك حتى يفارقاك " .