ربط الله سبحانه و تعالى بين خشيته و درجة العلم التي يتحصلها المسلم في حياته بقوله سبحانه ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) ، فكلما زاد المسلم في علمه ارتقى في درجات الإيمان عند الله و زادت خشيته منه سبحانه ، و قد أعطى الله سبحانه و تعالى للعلم و العلماء مكانة خاصة ليست كغيرهم ، ذلك بأن العالم يعلم الناس دين ربهم و يوسع مدارك الناس و آفاق تفكيرهم ، قال تعالى ( يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات ) .
و ينقسم العلم إلى علم دنيوي و علم رباني ، فالعلم الدنيوي يشتمل على كل أنواع العلوم التي يتعلمها الإنسان خلال مسيرة حياته كالرياضيات و العلوم و الكيمياء و الأحياء ، و لا يخفى على أحد ضرورة تعلم هذا العلم و الأخذ بأسبابه لمواكبة تطورات الحياة المعاصرة و مجاراة الأمم المتطورة ، وثمار تعلم هذا العلم كثيرة نرى آثارها جلية في المخترعات الحديثة و الآلات المتطورة التي سهلت من حياة البشر و يسرت لهم أعمالهم ، فبعد أن كان العمل يستغرق من الإنسان وقتا طويلا لإنجازه ، أصبحت الأعمال تنجز بشكل سريع ، و ربما حلت الآلات و المعدات محل اليد البشرية العاملة فوفرت الجهد و الوقت و المال ، و إن الاختراعات التي ظهرت في أوائل القرن العشرين كالسيارات و الطائرات و القطارات و غيرها ، تعرف على ما هى إلا ثمار العمل الدؤوب و التعلم و البحث .
أما العلم الديني الرباني فهو علم الله و نوره ، فهو العلم الذي يشرح الصدور ، و يرتقي بالمسلم في مراتب الإيمان و التقوى ، و إن خيرية الإنسان ترتبط ارتباطا مباشرا في العلم الذي يحمله في قلبه و صدره و يعطيه للناس ، فلا فائدة لعالم لا يعلم الناس ، و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم ( خيركم من تعلم القرآن و علمه ) ، فتعليم القرآن و علومه هو من أجل العلوم و أكرمها عند الله سبحانه ، و إن ثمار هذا العلم الديني لها آثار عظيمة على الفرد العالم و على الفرد المتعلم ، فتبادل المعرفة و العلم النافع تساهم في خلق مجتمع راشد قادر على تجاوز العقبات و مواجهة التحديات بقوة و بصيرة نافذة .