العلوم الإنسانية هي العلوم التي تهتم بدراسة الخبرات والأنشطة التي يقوم بها البشر والمعارف المرتبطة بإجابة السؤال الفلسفي عن حقيقة الإنسان أو ماهية الإنسان، وهناك تعميم شائع أنّ العلوم الإنسانية هي النقيض من العلوم التجريبية أو التطبيقية. وعلى هذا الأساس تصبح العلوم الاجتماعية والفلسفية والنفسية والآداب والفنون من العلوم الإنسانية.
أما عن أهم الأسئلة التي تواجه المعرفة الإنسانية ودراستها ودارسيها، هو تحديد مدى علمية الدراسات البحثية الإنسانية من عدمها، حيث يحتج العديد من العلماء الطبيعيين والمفكرين بأن الدراسات الإنسانية ليست علوماً بالمعنى الحقيقي للكلمة، ذلك لأنّها غير قابلة للقياس والتجربة، فعلم النفس على سبيل المثال لا يوجد ما يؤيده من المعارف التجريبية، ولا يمكن قياس شدة الأمراض النفسية، كما أنّه يخضع بشكل كبير إلى حالات وظروف معينة تجعل كل حالة نفسية مختلفة عن الحالة الأخرى، سواء في الصحة أو المرض. وهكذا التاريخ والفلسفة، حيث يغيب عنهما صفة أساسية من صفات العلم، وهي صفة الموضوعية، فالكتابة التاريخية والكتابة الفلسفية تخضع بالدرجة الأولى للعامل الذاتي، وهو المؤلف نفسه، حيث تنعكس أفكار المؤلف أو الكاتب أو المفكر على الورق وعلى النظريات الفلسفية وعلى تفسيراته للحوادث التاريخية، وهنا يكون الإنحياز واضح في الكتابة التاريخية والفلسفية بشكل عام، على العكس من العلوم التطبيقية التي تخضع حقائق فيها للتجربة والاختبار، ولا يتدخل العالم إلّا بالمشاهدة وتدوين النتائج ومقارنتها.
وقد احتجّ العديد من المشتغلين بفروع الدراسات الإنسانية بأنّها علوم، حيث جادلوا بأنّها تخضع لقوانين وطرق ووسائل بحثية مختلفة عن العلوم التطبيقية، حيث تعتمد العلوم الإنسانية على العديد من الأساسيات التي تجعل من التراكم المعرفي الإنساني وسيلة للتقدم البشري واكتشاف الحقيقة الإنسانية، وهو ما لا تستطيع العلوم التطبيقية تحقيقه بشكل منفرد. وتعتمد العلوم الإنسانية على التكامل فيما بينها، حيث تكتمل دراسة الفلسفة الإنسانية بدراسة علم النفس والفنون والتاريخ وعلم الإجتماع والإقتصاد السياسي والجغرافيا السياسية، وتخرج نتائج خاضعة للنقد والتحليل الذاتي والموضوعي من أجل محاولة الوصول إلى الحقيقة أو الإقتراب منها على الأقل، ومع التقدم العلمي والمعرفي البشري ازداد اهتمام المشتغلين بالعلوم الإنسانية على التخصص أكثر في المناطق المشتركة بين العلوم وبعضها البعض، حيث يهتم العلماء في الوقت الحالي بدراسة التاريخ الإجتماعي، أو التاريخ الإقتصادي على سبيل المثال، وتكون تلك الدراسة مزيج بين الفرعين العلميين، ويتم من خلالهما التوصل إلى نتائج وحقائق جديدة حول المعرفة البشرية في العالم بما يسهم في دفع التطور العلمي إلى الأمام.