إنّ من معاني كلمة كيد في اللغة العربية هو الحيلة أو المكر أو الخداع أو قلب الحقائق لبلوغ الهدف ، وهي صفات مذمومة إلا إذا ما اقترنت بالله ورسوله والأنبياء ، لأنّها تكون آنذاك من باب : ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .
والكيد عموما لا يكيده – سوى الله ورسوله وأنبياؤه ومصطفيه – إلا الضعفاء والمظلومين والمستضعفين ، فلذلك يلتجئون إليه لدرء استبداد القوي اتجاههم ، وللوصول إلى الغاية بطرق ووسائل مواربة لأن القوة تعوزهم عن الإفصاح الصريح بما يريدون أو يرغبون جراء ضعفهم .
أمّا المتشبثين بقوله تعالى عن النساء : " إن كيدهن عظيم " ، مرجعين ذلك إلى صفة دائمة ملازمة للنساء في كل زمان ومكان فهو فهم غير مكتمل لمحكم آيات الله ، فالله أطلق هذه الصفة المؤقتة على نساء ذلك الزمان ، حيث كانت المرأة لا زالت مستضعفة ولم تملك حقوقا مساوية مع الرجل ، والآية قيلت عن نسوة بلاط فرعون ، وفي ذلك الزمن كان معيار القوة هو العضلات المفتولة والذكورة ، فكان يترتب على النساء تبعاً لهذا الظلم والإستقواء الذكوري عليهن من اللجوء إلى الحيلة والمكر والدسائس لبلوغ أهدافهن وتحقيق غاياتهن .
ولكن معايير القوة في زماننا قد تغيرت ، وبات العقل هو أساس القوة ، ولم تعد هناك تلك الفوارق العظيمة ما بين الذكورة والأنوثة كما كانت عليه في الأزمنة الغابرة من ناحية الحقوق ، وباتت معظم القوانين تساوي في الحقوق ما بين الرجل والمرأة ، ولا زال التطور نحو الأمام في هذا الشأن على قدم وساق ، مما أصبح هذا اللقب أو تلك الصفة التي ألصقت بالنساء تضمحل وتتوارى مع الأيام ، وصار هناك كيد الإنسان – رجلا أو امرأة – وهو مذموم ، على الصعيد الفردي وعلى الصعيد المجتمعي ، لأن المجتمع السليم من المفروض أن ينال كل من فيه حقوقهم الكاملة كأفراد بغض النظر عن اللون أو الجنس أو السن ، مما ينشأ عن ذلك أي شعور بالنقص أو الاستعلاء أو الاستقواء ، فيكون المر مصانة كرامته ومسموعة كلمته أكان صغيراً أم كبيراً ، أو كان ذكراً أو أنثى .