رباعيات الخيام ، سميت بهذا الإسم نسبةً للشاعر الفارسي عمر الخيام ، بالإضافة لكونه كان شاعراً ، فقد كان الخيّام عالم فلكٍ ورياضيات ، وقد اشتهرت الرباعيات في الشعر الفارسي ، وتم كتابة رباعيّات الخيام في أوائل القرن الثاني عشر للميلاد ، وتحتوي الرباعيّة وهي مفرد (الرباعيات) أربعة أبيات تدور في فلك موضوعٍ معيّن ، وتستخلص الفكرة التامة ضمن نطاق الأبيات الأربعة ، وقد تتفق شطور الأبيات الأربعة في القافية ، أو الشطرين الأولين مع الرابع .
تتألف (رباعيّات الخيّام) ، من أبياتٍ رباعية يفترض أن يكون هو ناظمها لتنسب له مع مرور السنين أكثر من الفي رباعيّة ، مع أن الدلائل تشير الى أنه لم تتجاوز عدد الرباعيّات التي قام بنظمها أكثر من 200 رباعيّة،وللالبحث عن رباعيات الخيام الصحيحة من المنسوبة اليه ، قام المهتمين بدراسة أعماله بالعودة لتفاصيل حياته وتوصلوا لأمورٍ عدة ، أوجزها كما يلي :-
كون عمر الخيام كان يتمتع بمكانةٍ اجتماعية عالية في عصره ، فقد كانت حياته مرفهة ، لا يعلم معنى الفاقة ، ولا يمكن له التعبير عن معاناة الفقراء في أشعاره، أو يلعن قدراً وضعه في مصف المحرومين في هذه الحياة ، وهناك دليل ذكره "الخاقاني" حيث ذكر بأن الخيام كان يتقاضى مبلغاً قدره (10000) دينارٍ سنويا من الديوان العالي ، ويعد مثل هذا المبلغ في زمنه ثروةً هائلة ، لا يعرف بعدها عوزاً ، لهذه الما هى اسباب ، فما ينسب للخيام من رباعيات تصف مقدار الألم والجوع والحرمان ، قطعاً هي ليست له ، أما بالنسبة للقناعة فهي شأنٌ آخر .
ما ما كان يدل على الإستخفاف بالقدر والبشر من رباعياته ، وما كان يصف به الحانات ، وفضائح أخرى ، فالألقاب التي حصل عليها هذا الشاعر ، تؤكد بأن هذا الأمر ليس من طبعه وتنفي ما قد نسب اليه من رباعيّات تصف الحانات والتسكع في الليل وبيوت الدعارة ، فقد كان يلقب بـ(حجة الحق) و (الإمام) ، ولا يعقل أن يكون الخيام اماماً في النهار ، وصاحب هواً في الليل، والرباعيّات التي تأكد النقاد من صحتها ، وتأكدوا من أنها وليدة أفكار الخيّام ، لا تتجاوز في عددها كما ذكرت سابقاً المائتي راعية .
تتحدث الرباعيات الحقيقية عن الإنسان والوجود والكينونة والقدر ، والإختيار و النصيب ، والزهد بنوعيه الحقيقي والمزيف، والحث على الأخلاق الكريمة كالصدق والأمانة وخدمة البشر والعدل ، ودوما ما كان يدعو الى تحقيق العدالة الإجتماعية التي كانت على الدوام مفتقدة في كل العصور ، اذا كانت رباعياته تتكلم في أسس الدين الأخلاقيّة ، ودوماً ما كانت تأتي المواضيع على شكل تساؤلات ، لتحريض التفكير وايجاد الإجابة لدى المتلقي ، ليصل الى المعرفة ، وهذا نوعٌ من التفكير الفلسفي العميق الذي يعتمد على الحركة في طرح التساؤل ولا يهدف من وراءه الإنكار والسكون ، فنراه في بعض المواضع حزيناً ، وتارةً نراه غاضباً أو محبطاً ، وأخرى يترك أفكاره ليلقيها الى المجهول أو اللاشيء .
تتميز تلك الرباعيات بسلاسة اللغة فيها ، بعيدةً عن أي تعقيدٍ بياني أو تكلف ، تتحدث في الحياة البشرية بشكل عام دون تمييز ، لتشمل الجميع الكبير والصغير والغني والفقير ، والعالم والأمي ، وما يميز رباعياته هو استخدامه لمفردات (قابلة للتأويل) ، كاستخدامه لأمورٍ بسيطة في متناول الجميع كـ(الفخار) . تأثر الخيام كثيرا بأستاذه "ابن سينا" ، حيث قال بأن ذرة الغبار هي اساس الإنسان وكل شيء ، وعند موته يعود ليتحول الى تراب وذراتِ غبار ، وهذا التراب هو نفسه الذي يصنع منه الفخار ليكون القدح أو الكوز الفخاري ذراتٌ لإنسانٍ ما ، فالروح في الجسد ، كالخمر في القدح ، الروح بالغة الشفافيّة الشراب الصافي.
إذا رباعيّات الخيام بنيت على مباديء فلسفيّة بحتة ، ولا شأن له بما نسب له من رباغيّاتٍ تتناول ما يخالف مباديء الخيام وأخلاقه .