كتاب كليلة ودمنة أو كتاب الفصول الخمسة كما كان يسمّى قبل أن يُنقل إلى اللغة العربية، هو كتاب يحتوي على العديد من القصص الرمزيّة والتي ترمز بشكل أو بآخر إلى الأخلاق والحكمة لهذا السبب فكتاب كليلة ودمنة ليس من الكتب التافهة التي لا طائل منها، بل هو كتاب عميقٌ جداً.
يكاد يتّفق الباحثون ويجمعون على أنّ أصل كتاب كليلة ودمنة هو من الهند، وأنّه كتاب صُنِّف باللغة السنسكريتيّة على يد البراهما وشنو الّذي أطلق عليه اسم بنجا تنترا والّتي تعني " الأبواب الخمسة "، وكان ذلك في نهايات القرن الرابع الميلادي، كما أنّ هذا الكتاب وهذه القصص التي يحتوي عليها تميّزت بهذا الطابع الفريد وهو الحكمة والأخلاق، وقد تم ترجيح أنّ هذا الكتاب يحتوي على قصّة الحكيم والفيلسوف الهندي بيديا.
ممّا يقال أنّ الملك الفارسي المدعو آنوشروان كان قد أمر بتحويل كتاب كليلة ودمنة إلى اللغة البهلويّة حتى يقدر على الاطلاع على ما فيه من محتويات ليساعده في تدبير شؤون الحكم والرعية – اللغة البهلويّة هي اللغة القديمة لفارس أي إنّها الفارسيّة القديمة -، وألقى الملك الفارسي هذه المهمّة على عاتق برزويه طبيبه الخاص، ممّا دفعه إلى إضافة العديد من الحكايا الهندية؛ حيث إنّ بعض هذه الحكايا كانت مأخوذة من كتاب مهاباراتا. وفي القرن الثامن من الميلاد قام الأديب العربي عبد الله بن المقفّع بترجمة هذا الكتاب إلى اللغة العربيّة؛ حيث تمّ إدراج 4 فصول فيه لم تكن واردةً في النص القديم، كما أنّه قد تم إدراج فصل يسمّى بالفحص عن أمر دمنة.
القصص التي يحتوي عليها كتاب كليلة ودمنة هي قصص تجري على ألسنة الحيوانات وهي مليئة بشكل كبير بالحكمة البالغة والعميقة؛ حيث يحتوي على نصائح أخلاقيّة وسياسيّة ونصائح للإصلاح الاجتماعي، فمثلاً باب الأسد والثور يحتوي على العديد من الأمور السياسيّة التي تُسدى للساسة والحكّام، أما باب الفحص عن أمر دمنة فهو يتناول المحاولات التي لا طائل لها، ويقوم بها المجرم للخلاص من العقاب؛ حيث إنّه في النهاية لا بدّ وأن يقع في شر أعماله، وهناك باب الحمامة المطوّقة والذي يدعو إلى سمة التعاون الأخلاقية، وغير ذلك من الأبواب المختلفة.
ويعتبر هذا الكتاب تحفةً أدبيّةً بامتياز، وهي خالدة على مرّ الزمان واختلاف المكان، وهو صالح لكافّة العصور؛ فالأخلاق لا تتغيّر والألاعيب السياسيّة أيضاً هي نفسها، ولكن أشكالها تتغيّر من عصرٍ إلى عصر.