سخر الله عز وجل الأرض وما فيها لخدمة الإنسان، فكما جاء في قوله جل وعلا : " وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور "، ومن مظاهر هذا التسخير أن جعل فيها رزقه وغذاءه الذي لا يستطيع العيش دونه، فالغذاء هو الذي يمد جسمه بالطاقة ويقوي بنيته ليستطيع القيام بأعماله، ويقيه من الإصابة بالأمراض المختلفة، كما أن الغذاء يؤمن للجسم ما يكفي من العناصر والمواد الغذائية للنمو السليم وللحفاظ على الصحة، ليحقق الإنسان الغاية من خلقه في هذا الوجود ألا وهي إعمار الأرض ضمن شريعة الله عز وجل.
والغذاء أيضا هو من نعم الله سبحانه التي لا تعد ولا تحصى لذا يجب على الإنسان أن يكون شاكرا لنعمة الله بالحفاظ عليها، إذ يستطيع الإنسان حفظ طعامه بعدة طرق ووسائل سنتحدث عنها في هذا المقال.
ماذا نعني بحفظ الأغذية؟
والمقصود بحفظ الأغذية هي تلك العملية التي يقوم بها الإنسان لتأخير فساد الأطعمة الطبيعي لأطول فترة زمنية ممكنة، الأمر الذي أتاح للإنسان حفظ طعامه لوقت طويل وبالتالي تخزين الفائض منه لإستخدامه وقت الحاجة، أو القيام بنقله كتعرف ما هو من مكان إلى آخر دون أن يتلف أو يفسد، وعادة ما يكون هناك وراء فساد الأغذية مصدران رئيسان هما : الآفات، والكائنات الحية الدقيقة (الأحياء المجهرية).
طرق ووسائل حفظ الطعام
وهنالك عدة طرق ووسائل يمكن اتباعها للحفاظ على الأغذية لأطول فترة ممكنة، وهي كالآتي:
المعالجة
وتعتبر هذه الطريقة من أقدم الطرق ووسائل المتبعة في حفظ الأغذية، وهي حاليا تستخدم لحفظ لحم البقر المعالج، وبعض أنواع اللحوم الأخرى، والسمك، والبطاطا، والخيار، وبعض أنواع البندق والجوز.
وهنا يتم إضافة بعض المكونات إلى الغذاء أبرزها : الملح، والسكر، ونترات الصوديوم، ونتريت الصوديوم، بحيث إن لكل من هذه المكونات دورا وعملا خاصا به لحفظ الطعام، إذ يعمل الملح على تثبيط نمو الأحياء الدقيقة، ويخلص الغذاء من كمية من الماء الموجود به، أما السكر فإنه يساعد على جعل الأطعمة أكثر طراوة كما يعادل تصلبها الناتج عن وضع الملح عليها، في حين تعمل أملاح نترات ونتريت الصوديوم على إبقاء اللحوم بلونها الأحمر كما هو.
التعليب
وهي طريقة الحفظ المنتشرة بشكل كبير في البلدان الصناعية، بحيث يتم فيها وضع الأغذية بعد غسلها وتنظيفها في محكمة الإغلاق ومصنوعة من الصفيح أو الزجاج، ومن ثم القيام بتسخين هذه العبوات للقضاء على الكائنات الدقيقة التي قد تسبب فسادا للأغذية. وبعد الانتهاء من ذلك، تمر عملية التعليب بخمس مراحل وهي : التعبئة، والتسخين الإبتدائي، وقفل العلب، والمعالجة الحرارية، والتبريد.
التبريد
وهنا يتم حفظ الأغذية في درجة حرارة منخفضة وهي أربع درجات، لأن ذلك يسهم بشكل كبير في تثبيط نمو الكائنات الدقيقة التي تسبب فساد الأغذية، كما يعمل على تقليل نشاط الأنزيمات المسببة للتغيرات غير المرغوب بها في ملمس وطعم ورائحة ولون المواد الغذائية.
التجميد
هنا يتم حفظ الأغذية في درجات حرارة منخفضة جدا، وذلك للتقليل من سرعة نمو الكائنات الدقيقة، وإيقاف عملية التكسير التي تحدث للمواد الغذائية.
التجفيف
وهنا يتم تعريض المواد الغذائية للحرارة وذلك للتخلص من الرطوبة الموجودة فيها، بحيث يعمل ذلك على تثبيط نمو الكائنات الدقيقة بسبب فقد الأغذية لرطوبتها، وتوجد ثلاث طرق ووسائل للتجفيف وهي : التجفيف بالشمس، والتجفيف على الصوان، والتجفيف في الأنفاق.
التجفيد
وهي طريقة التجفيف بالتجميد، وهنا يتم إزالة الماء من الأغذية على الرغم من أنها متجمدة.
الإضافات الغذائية
كإضافة مضادات الأكسدة والمواد الحافظة على الغذاء للحفاظ عليه كتعرف ما هو لأطول وقت ممكن.
الإشعاع
وهنا يتم معالجة الأطعمة بالإشعاع المؤين، مثل الأشعة السينية، وأشعة غاما، وحزم الإلكترونات، بحيث تقوم هذه الأشعة على قتل البكتيريا والحشرات الموجودة في الأطعمة، كما تقلل من النشاط الأنزيمي الذي يغير من طعم الأغذية وملمسها، كما تمنع إنبات بعض الخضروات.
التدخين
ويتم حفظ بعض أنواع اللحوم والأسماك بهذه الطريقة، وذلك عن طريق تعليقها في مبنى التدخين وتعريضها إلى الدخان الناتج عن الحرق البطيء لأنواع من الخشب خاصة بذلك، إذ يعمل هذا الدخان على إبطاء نمو الكائنات الدقيقة.
وهنالك أيضا بعض الطرق ووسائل المتبعة كالبسترة (التعقيم)، التخمير، التبخير، وحفظ الأغذية في أماكن تتوفر فيها ظروف بيئية محكومة تساعد على حفظ بعض الأغذية.