قصر النّمر
يُعدُّ قصر النّمر الموجود في مدينة نابلس الفلسطينيّة أحدَ أعرقِ القُصور التي بُنيت في بلاد الشّام، إبّان حُكم الدّولة العثمانية؛ حيث تَتَعدّد في هذه المدينة المَعالمُ التاريخيّة، وتَشهد على ذلك حجارتها التي ما زالت قائمةً منذ أكثر من ألف عامٍ.
تَتعدد في مدينة نابلس المواقع الأثريّة العريقة، والتي تَعود في مُجملها إلى العَهد التُّركي وأيضاً للعهد المَملوكي، وتُعدّ المَساجد فيها هي الأروع على الإطلاق، كمسجد الخضرا، والجامع الصلاحيّ الكبير، إضافةً لِوجود الحمّامات المُدهشة التي تُزينها نقوش حجارية ، كذلك البيوت القديمة فيها. تشتهر أيضاً بِقصورها التي بُنيت بأشكالٍ مُختلفة، والتي يَقصدها كلّ من زار مدينة نابلس، والتي تَتَميّز بعدد غرفها، وكبر حجمها، ومن هذه القصور: قصر عبد الهادي، وقصر طوقان، وقصر النَّمر، الذي سنتحدث عنه هنا.
موقعه
يقعُ قصر النّمر في الدّولة الفلسطينيّة، وتحديداً في مدينة نابلس؛ حيث يقع في الجزء الشمالي الشرقيّ من الحارة التي يُطلق عليها الحبلة، ويُعدّ من أكبر القصور مساحةً في المنطقة، والأضخم حجماً.
بُنيَ قصر النَّمر في القرن السّابع عشر للميلاد، من قِبَل القائد التُركي الذي قاد الحملات العسكريّة التي تمّ إرسالُها من قِبَل الدولة التُركيّة؛ وذلك من أجل بَسطِ الأمن في المِنطقة، وقَمعِ الفِتَن، وهو القائد عبدُ الله باشا النّمر، والذي أصبح بعد هذه المهمة الحاكمَ الفعليَ في مدينة نابلس، والكافلَ لِقلعةِ الكرك.
أسّس هذا القائد لاحقاً الأسرة المحليّة التي قامت بِحُكم مدينة نابلس لأجيالٍ عديدة، وكان قصر النّمر بِمثابةِ قاعدةِ الحُكم لهم في هذه المدينة، وهذا ما جاء في كتابِ المُؤرِّخ إحسان النّمر، وهو حَفيدُ عبد الله باشا النّمر (تاريخ جبل نابلس والبلقاء).
أقسامه
تمَّ بناءُ قصر النّمر إلى قسمين؛ حيث بُني القِسم الشّمالي والذي يُعدّ القصر الصيفي، وبُني القسم الثاني وهو القسم الجنوبي ويُعدّ الأكبر، وفيه مدخلٌ ذو حجمٍ كبير، ويتألّف كلا القصرين من طابقين؛ وكان الطابق الأوّل على شكلِ ساحةٍ مَكشوفة، وفيها بركةُ ماء، إضافةً إلى إسطبلٍ للخيل، أمّا الطّابق الثّاني ففيه غُرفٌ عديدة، ومُقسّمة جميعها إلى جناحين؛ حيث يُعرف أحدها بالحرملك، وهو المُخصّص بالحريم، والآخر يُعرف بالسلملك، وهو المُخصّص للرجال.
يُذكر بأنَّ الرَحّالَة الدِّمشقي الشّيخ عبد الغَني النّابلسي، والذي تَعود أصولُهُ إلى مدينة نابلس، قد قام بِزيارةِ هذا القصر في عام ألفٍ وستمئة وواحدٍ وسبعين للميلاد، وأقام كضيفٍ عنْد مُتسلِّم نابلس الذي كان في ذلك الوقت هو الشيخُ علي الشربجي النّمر، وقد كتب النابلسي حينها، وصفاً دقيقاً ومميّزاً لهذا القصير، ويُعدّ الاجمل وافضل والأروع فيما كُتب عنه.