يقع (مضيق الدردنيل) بين القارة الأوروبيّة والقارّة الآسيويّة، بحيث نجده يشكّل ممراً دوليّاً مائياً، بين كلّ من بحر إيجة مع بحر مرمرة، ويشكّل هذا المضيق فاصلاً ما بين الشّاطئ الموجود في آسيا الصغرى، وبين شبه جزيرة جاليبولي الموجود في القارّة الأوروبيّة، وهو واقع تماماً في الأراضي التركيّة.
إنّ مضيق الدردنيل يبلغ طوله 61 كيلو متراً مربّعاً، أما عرضه فإنّنا نجده يختلف من مكانٍ لآخر، حيث يكون بين 1.2 كيلو متراً مربّعاً، و 6 كيلو متراً مربّعاً، أمّا العمق فهو أيضاً يختلف من مكان لآخر، بحيث نجده في بعض الأماكن يكون 50 متراً، وفي أماكن أخرى نجده 60 متراً.
لقد اهتمّت الدولة العثمانية اهتماماً بالغاً بهذا المضيق، وذلك عندما استملكت مدينة القسطنطينيّة، فنجدها قد بنت عليه قلاع في كل جوانبه، وبذلك أصبح هذا المضيق منيعاً في وجه أيّ هجوم من أيّ أسطول كان، ومهما كان كبيراً، فإنّ الخطر المحدق سيواجهه، وسيهزم على الفور.
تحدّثنا كتب التاريخ عن هجوم اسطولٍ بحريّ إنكليزي لهذا المضيق، وقد كان الأسطول مؤلّفاً من عددٍ كبير من البارجات يصل عددها إلى 12 بارجة، ومجهّز بمدفعيّات عديدة إضافة إلى الحراقات، وكان ذلك الهجوم في عام 1807 م، وتحديداً في يوم العشرين من شهر شباط، وكان يرأس هذا الأسطول (الأميرالدوكودث)، وعندما وقف بأسطوله في الجهة المقابلة للآستانة، ورأى استعدادات الحصون فيها وتجهيز قلاعها، ما دفعه إلى الانسحاب، ولكن الأتراك يومذاك كانوا جاهزين للقضاء على الأسطول، والحقوه خسائر وأضرار فادحة، وبينما الأميرال يبحر في بحر إيه، لاقاه الأسطول الروسي، فما كان منه إلاّ أن أراد من الأسطول الإنكليزي التكاتف معه لاقتحام المضيق وإجبار تركيا بأن تخضع لشروطهما، إلاّ أنّ الأميرال رفض ذلك العرض لكونه عارفاً بمدى تحصين المضيق من قبل الدولة العثمانيّة.
إنّ كلمة دردنيل أطلقت على هذا المضيق نسبة إلى اسم مدينة قديمةً تعود للإغريق كانت تطلّ على هذا المضيق من القسم الآسيوي للمضيق، وكانت تعرف باسم (دردنوس).
إنّ مضيق الدردنيل حاله كحال أغلب المضائق الموجودة في العالم، بحيث توفّر للدولة التي تقع فيها الكثير من الخدمات، وتدرّ عليها بالأموال وذلك نتيجة نشاط الحركة المائيّة منها، وخاصّة عبور الناقلات النفطية والتجاريّة، والتي تخضع لدفع الرسوم والضرائب، إضافة إلى نشاط حركة الملاحة البحريّة في أغلب المضائق، وتمّ التفاوض وتوقيع الاتفاقات مع أغلب الدول التي من شأنها التعامل والعبور من المضيق.