جعل الله سبحانه و تعالى الصّلاة من أركان الإسلام و فرائضه ، و هي أوّل ما يسأل عنه العبد يوم القيامة فإذا حفظها حفظه الله و إذا ضيّعها ضاع و خسر ، و هي عمود الإيمان و الرّكن الذي يلجئ إليه المؤمن فيطمئن باله و يسكن جنانه ، و هي قرّة عين نبيّنا محمّد عليه الصّلاة و السّلام و قرّة عين المؤمنين ، و قد قال العلماء من أراد أن يكلّمه الله فليقرأ القرآن و من أراد أن يكلّم الله فليصلي ، و قد فرض الله سبحانه على عباده خمس صلواتٍ باليوم و الليلة ، شبّهها رسول الله بنهرٍ بباب أحدنا يغتسل منه الإنسان كلّ يومٍ خمس مرات ، فهل يبقى من درنه شيءٌ ، فرحمة الله أن جعل لعباده باباً مفتوحاً على مدار يومهم يتّصلون فيه مع خالقهم جلّ و علا .
و فضّل الله صلواتٍ من بين الصّلوات الخمس و ميّزها بالأجر و الثّواب ، فصلاة الفجر و صلاة العصر هي صلاة البردين التي قال النّبي عليه الصّلاة و السّلام أنّه من صلّاها دخل الجنّة ، و إن أثقل صلاة على المنافقين هي صلاة الغداة و هي صلاة الفجر و صلاة العشاء و بيّن رسول الله أنّه لو علم النّاس ما فيها من الفضل لأتوهما و لو حبواً ، و إنّ الملائكة تتنزّل بالرّحمة من عند الله بالليل و النّهار فيتعاقبون لأجل ذلك فيكون هناك ملائكةٌ بالنّهار و ملائكةٌ بالليل و يجتمعون في صلاة العصر و الفجر ، فتخيل مقدار الرّحمة و المغفرة في تلك الأوقات ، و قد بيّن رسول الله فضل صلاة الفجر فمن صلّاها في وقتها كان في ذمّة الله أي رعايته و حفظه و كذلك فإن صلاة الفجر في جماعةٍ تعدل قيام الليل كلّه .
و قد بيّن الرّسول عليه الصّلاة و السّلام أنّ الشّيطان يعقد على رأس أحدنا ثلاث عقدٍ و يقول للإنسان أمامك ليلٌ طويلٌ فنم ، و لا ريب بأنّ صلاة الفجر إذا صلّاها الإنسان و استيقظ لها أحسّ بالنّشاط و الحيويّة و انحلت عقده كلّها ، و من تركها و نام عنها أصبح خبيث النّفس كسلانا ، و قد أجاب النّبي عليه الصّلاة و السّلام في رده على من نام و لم يصلّي حتى أصبح بأنّه رجلٌ بال الشّيطان في أذنيه ، جعلنا الله ممن يحفظ صلاته و يؤدّيها على أكمل وجه .