الصلاة
إنَّ للصلاةِ عند المسلمين مكانةٌ عظيمة، فهي أولُ ما فُرِضَ عليهم، وهي أولُ عملٍ يحاسبون عليه يوم القيامة، وقد فرض اللهُ على المسلمين خمس صلواتٍ في اليوم، وهي الفجرُ والظهرُ والعصرُ والمغربُ والعشاء، لكلّ صلاةٍ ركعاتٌ وأحكامٌ مُعَيَّنَة، فتُصلَّى في المساجدَ وهي بيوتُ الله، على شكلِ جماعة، أو بشكلٍ فردي، ولكنّ الاحسن وأفضل في الصلاة أنْ تُصلَّى جماعة؛ لأنَّ صلاةَ الجماعةِ أعظمُ أجراً من صلاةِ الفرد، يصطفُ سائرُ المسلمين الحاضرين في المسجدِ خلف إمامٍ واحد، ولمَّا كان الحديثُ في مقالنا هذا عن كيفيةِ قضاء الركعات الفائتة، وجدنا في ذلك الفرصة لنتحدث عن الصلاة وشروطها وأركانها، مع الإيجاز قدر الإمكان، ثمّ نتطرقُ في الحديثِ عن طريقة قضاء الركعات الفائتة، وهو ما يُعْرَفُ بحكم المسبوق.
الصلاة عند المسلمين
هي الركنُ الثاني من أركانِ الإسلام، وقد فُرِضَتْ على المسلمين في السنةِ الثالثة للبعثة، فهي فرضٌ على كلِّ مسلمٍ، بالغ عاقل، ذكرا كان أو أنثى، يقومُ المسلمون بتأديتها خمس مرات في اليوم، تفصيلُها كالتالي:
- صلاةُ الفجر: يبدأُ وقتُها من بزوغِ الفجر حتى شروق الشمس، وهي ركعتان، تسبقهما ركعتان سنة، وهي جهرية (أي تُقرأ جهراً).
- صلاة الظُهْر: يبدأُ وقتها من زوال الشمس عن وسط السماء وينتهي عندما يصير ظل كل شيء مثله، وهي صلاة سرية ( أي تقرأ سرا)، ركعاتها أربع، تسبقهما ركعتان سنة وتليهما ركعتان سنة، فَتُصَلَّى على مدارِ الأسبوع ما عدا الجمعة، حيث تُسْتَبْدَلُ بصلاةِ الجمعة لمن ذهبَ إلى المسجد.
- صلاةُ العصر: يبدأ وقتها عندما يصير ظل كل شيء مثله، وينتهي بغروب الشمس، وهي صلاةٌ سرية، ركعاتها أربع.
- صلاةُ المغرب: ويدخلُ وقتها بغياب الشمس، ويبقى حتى مغيب الشفق الأحمر، وهي صلاةٌ جهرية، ركعاتها ثلاث، تليهما ركعتان سنة.
- صلاة العشاء: ويدخلُ وقتها من مغيب الشفق الأحمر حتى طلوع الفجر، وهي صلاةٌ جهرية، ركعاتها أربع، تليهما ركعتان سنة.
- صلاة الجمعة: وسميت كذلك لأنَّها تُصلى ظهر يوم الجمعة، فهي تحلُّ محلَّ صلاةِ الظُهر لمن حضر المسجد، وهي صلاةٌ جهرية، وهي ركعتان، تسبقهما خطبة الجمعة.
شروط الصلاة
شروطُ الصلاةِ تسعة، وهي: أن يكونَ الشخصُ مسلماً، بالغاً أو قادراً على التمييزِ، عاقلاً، وهذه الشروط الثلاثة هي شروط وجوب الصلاة، وأنْ يتوضأَ، ويزيلَ النجاسة، ويسترَ عورتَهُ، فينتظرَ دخولَ الوقتِ، ثم يستحضرَ النية، ويوجِّهَ وَجْهَهُ نحو القبلة، وهذه الشروط هي شروط صحة الصلاة.
أساسياتُ الصلاة
أساسيات الصلاة هي أركانها وواجباتها، حيث أنَّ هذه الأساسيات إذا تركها المُصَلِّي عمداً، فإنَّ صلاتَه تكونُ باطلةً، وإذا سَهَي عنها يسجدُ سجوداً السَّهْو، وسجودُ السَّهْوِ هو سجدتانِ، يقومُ بها المُصلِّي بعد التَشَهُّدِ، وقبلَ أنْ يُسَلِّم.
أركانُ الصلاة
واجباتُ الصلاة
قضاءُ الصلواتِ الفائتة
هناك ثلاثةُ احتمالاتٍ لمن فاتته الصلاة:
مسلمٌ تركَ الصلاةَ عمداً أو سهواً
لقد أجْمَعَ الأئمةُ الأربعة على ضرورةِ قضاء الفائتِ من الصلاة، سواءٌ كانت فائتة عن العبدِ عمداً أو سهواً، وعليه فيجبُ على الذي كان تاركاً للصلاةِ أنْ يقومَ بقضائها مع إتِّباع التالي:
مسلمٌ اعتَنَقَ الإسلامَ حديثاً
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أنَّ الإسلامَ يَجُبُّ ما قبله، أي أنَّ من دخلَ الإسلام حديثاً، لا يكون عليه قضاء الصلاة الفائتة.
المسلمةُ في الحيضِ والنِفَاس
معروفٌ أنَّ المرأةَ الحائِض لا تصوم ولا تُصلي، ولا تمس كتاب الله؛ ذلك أنَّها على غير طهارة، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن النساءِ أنَّهُنَّ ناقصاتُ عقلٍ ودين، ولمَّا كانَ الحيضُ يرافقُ المرأةَ لستةِ أيام أو يزيد في الشهر الواحد، وكذلك النِفاس يطول على المرأة التي تضع طفلاً، فقد يصل إلى أربعين يوما يقل أو يزيد، فَأَمْرُ القضاء يشقّ عليها؛ لذلك أُعْفِيَتْ المرأةُ من قضاءِ ما فاتها من صلاةٍ في حيضها ونفاسها، مع وجوب قضاء الصيام.
طريقة قضاء الركعات الفائتة
وبعدَ أنْ أعطيناكَ عزيزي القارئ لمحةً سريعةً عن الصلاةِ وشروطهِا وأساسياتِها، سوف نتحدثُ عن أمرٍ يحدثُ معنا ونراهُ كلَّ يوم، وهو المُصلِّي الذي يصل إلى المسجد متأخراً، ولم يُدركْ الركعةَ الأولى أو الثانية، (وهذا من يُسمى المسبوق من الجماعة)، فماذا يفعل؟ وكيف يقوم بقضاء الركعات الفائتة؟ وفيما يلي نذكرُ من هو المسبوق من الجماعة؟ ومن هو المُدْرِك للجماعة؟ ونعرف كيف يقضي المسبوق ما فاته من ركعات، ثم نعرفُ كيف يصبح المسبوق إماماً، ثم نعرفُ حكم المسبوق في صلاةِ الجمعة وتكبيرات العيد وفي صلاة الجنازة.
المَسْبُوْق للجماعة
المسبوق هو المُصَلِّي الذي وصلَ المسجدَ متأخراً، فوجد أنَّ الإمامَ قد فاته بركعةٍ أو أكثر، وتفوتُ الركعةُ برفعِ الإمام من الركوع واستوائه مُعتدلاً.
المُدْاِرك للجماعة
المدارك هو المُصلي الذي يحضر تكبيرة الإحرام مع الإمام، فلا تفوته أيّ ركعة.
قضاء المسبوق ما فاته من ركعات
يقوم - وبعد تحقيق شروط الصلاة التي ذكرناها سابقاً- بتكبير تكبيرة الإحرام، وينضم إلى الجماعة ليتم الصلاة معها، فلا يصلي سنةً قبلية، ولا تحية مسجد قبل أن ينضمَ للجماعة، ثم يكمل ما فاته من ركعات بعد أن يسلم الإمام، مع مراعاة الترتيب في الصلاة، ويكون الترتيب في الركعات على أساس صلاة الإمام، فإذا فاتته ثلاث ركعات في الظهر على سبيل المثال، يُصلي مع الإمام ركعة واحدة، ثم يقوم بعد أن يسلم الإمام، فلا يسلم معه، ويصلي الركعة الثانية ويجلس لها، ثم يصلي الركعتين التاليتين.
كيف يُصبح المسبوق إماماً
إذا وصل أحد المصليين إلى المسجد، ووجد أنَّ الإمام قد انتهى من الصلاة وسلَّم، فيُصَلِّي هذا المُتأخر خلف المسبوق الذي أدرك بعضاً من صلاة الإمام، وذلك بأن يقوم المتأخر بالخبطِ على الكتف الأيمن للمسبوق.
المسبوق في صلاةِ الجمعة
إذا أدرك أحد المصلين ركعةً واحدةً من صلاةِ الجمعة فكأنَّه أدرك الصلاة كلها، لحديثِ النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه (من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصلاة)، فالمسبوق في ركعة واحدة في صلاة الجمعة يصلي كما صلى إمامه، والمسبوق الذي أدرك الصلاة وكان الإمام في جلوسه يقضي أربع ركعات، على أنَّها صلاة ظهر وليست صلاة جمعة.
المسبوق في تكبيرات العيد
إذا أدرك المسبوق الصلاة ووجدَ أن الإمام قد كبَّرَ ثلاثَ تكبيراتٍ مثلاً، فيقوم بتكبير تكبيرة الإحرام ويتابع مع الإمام وتسقط عنه التكبيرات الأولى، أمَّا إذا وجد أنَّ الإمامَ قد سبقه بركعة، يُكْمِلُ مع الإمام، ثم يُكمل صلاته مع أداءِ التكبيرات الخمس.
المسبوق في صلاة الجنازة
إذا أدرك المسبوق صلاة الجنازة، ووجد أنَّ الإمام قد كبَّر تكبيرتين، ينتظر حتى يفرغ الإمام من تكبيراته، فإذا لم ينتظر المسبوق تكون صلاته صحيحة ولكن غير محسوبة، فيقضي ما فاته من التكبيرات بعد انتهاء الصلاة.
مِسْكُ الخِتَام
في ختام مقالي هذا أوجِّهُ رسالةً لأولياء الأمور من الآباء والأمهات، وللمعلمين الأفاضل، بأن يقوموا بتعليم أبناءهم على الصلاة وأحكامها، فقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نعلمهم عليها لسبع ونضربهم لعشر، صلوا أمامهم فيقلدوكم، علموهم تلك الأمور الهامة عن الصلاة، علموهم عن أداء الصلاة في مواعيدها وفي المساجد، فهناك الكثير من الأمور التي يجهلها المسلم البالغ بسبب عدم تلقيه التعليم الكافي عنها في صغره، فيستحي أن يسأل عنها بعدما يكبر، وتذكروا أنَّ الصلاةَ هي أولُ ما يُسألُ عنه المسلم يوم القيامة.