أكرم الله سبحانه وتعالى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم برحلة الإسراء والمعراج وذلك قبل الهجرة وبعد وفاة خديجة بنت خويلد رضيَ الله عنها وذلكَ تعزيةً له ، وليريهُ الله عزّ وجلّ من آياتهِ الكبرى ، ورحلة الاسراء والمعراج هي رحلة تكريم وتشريف للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فقد وصّل إلى السماء السابعة ووصل إلى سدرة المنتهى ، حيث جنّة المأوى ، ولم يقترب صلّى الله عليه وسلّم أكثر من ذلك ، وكان صلّى الله عليه وسلّم ومعه جبريل عليه السلام أمين الوحي يمرّ على كلّ سماء من السماء الأولى وحتّى السماء السابعة ، ويلتقي في كلّ سماء بنبيٍّ من أنبياء الله ، ووصف ذلك في حديث الاسراء والمعراج الذي روته كتب الصحيح من الحديث ، ففي السماء الأولى التقى بآدم عليه السلام أبو البشر ، والتقى في السماء الثانية بسيدنا عيسى عليه السلام وسيّدنا زكريا عليه السلام وهما ابني خالة ، وفي السماء الثالثة التقى بسيدنا بسيدنا يوسف عليه السلام وكان شديد البهاء والوسامة ، والتقى في الرابعة بسيدنا ادريس عليه السلام ، وفي الخامسة التقى سيدنا هارون عليه السلام ، وفي السادسة التقى بسيدنا موسى عليه السلام ، وعندما صعدَ إلى السماء السابعة التقى بأبي الأنبياء سيّدنا إبراهيم عليه السلام.
لماذا فرضت الصلاة في ليلة الاسراء والمعراج
وعندما وصّل سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم إلى السماء السابعة ، رأى البيت المعمور ويطوف حوله سبعون ألف ملك لا يعودون إلى يوم القيامة ، ورأى كذلك سدرة المنتهى وهي المكان الذي لم يصله أحد من الخلق ، فسبحان الله الذي أكرم نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بهذا الشرف وهذا التكريم ، وفي هذا المكان وفي هذا المقام السامي والعالي فَرَض الله جلّ جلاله وتقدّست أسمائه الصلاة ، انظر وتأمّل في المكان الذي فُرضت فيه الصلاة ، لقد فُرِضت في السماء السابعة ، فرِضت في أعلى المقامات ، وهذا دليلٌ قاطع وبرهانٌ أكيد على أهميّة هذهِ العبادة ، فإذا تسائلنا لماذا فرَض الله الصلاة في رحلة الإسراء والمعراج وبهذا المكان من السماء العالية لكانت الإجابة البديهيّة بأنّ ذلك لعظمة هذهِ العبادة ، فهيَ الركن الأعظم من أركان الإسلام بعد التوحيد ، ومُنكر هذهِ العبادة هو كافرٌ بالله ، فكيف تُنكرُ عبادة أو حتّى يُتهاوَنُ بها وقد فرضت في السماء السابعة وهي من أركان الإسلام الأصيلة والعظيمة ، والجدير بالذكر أنّ الصلاة أول ما فرضت كانت خمسين صلاةً في اليوم والليلة ، ولكنّ سيدنا موسى عليه السلام قال لنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم غذهب إلى ربّك واسأله التخفيف وانقاص فإنَّ الناس لا يطيقون ، فكان سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم يُراجع ربّه في تخفيف الصلاة حتّى كانت خمسُ صلواتٍ في اليوم والليلة ، وأجرها بأجرِ خمسين صلاة.