الصلاة على النبيّ الكريم
"الصلاة" كما نعرفها بمعناها التقليديّ هي الصلوات الخمس المفروضة علينا كمسلمين، وأحد ركائن الإسلام ودعائمه. لكنّنا لو تدبّرنا في آيات القرآن الكريم لوجدنا أنّ الصلاة لا تقتصر على "الصلاة" التي نؤديها كمسلمين لربّ العباد، فالصلاة من ربّ العباد للعباد تكون برحمته علينا وهدايتنا إلى الطريق القويم، أمّا صلاة الملائكة على المؤمنين فتكون بالاستغفار والدعاء لهم، والصلاة من المؤمنين لمؤمنين غيرهم فتكون أيضاً بالدعاء لهم كذلك، وأخيراً الصلاة من المؤمنين والمسلمين على الرسول الكريم - صلّى الله عليه وسلّم -، وهي ما سنسهب الحديث عنه أكثر في مقالنا هذا.
الصلاة على النبيّ الكريم "محمّد بن عبد الله" هي عبادة مفروضة علينا كمسلمين، وهي صلاة تختلف عن صلاتنا المفروضة، صلاة لا تحتاج منّا أن نكون على وضوء أو أن نتجه قبالة القبلة، هي صلاة تشريفيّة وتكريميّة للرسول الكريم، الذي حمل رسالة الله إلينا ووسيلته في هدايتنا إلى النور والطريق القويم. تكون الصلاة على الرسول "محمّد صلّى الله عليه وسلّم" بأن نقول: "صلّى الله عليه وسلّم وعلى آل سيدنا محمّد"، وهي ما نذكره في صلاتنا الإبراهيميّة عند التشهّد الأخير. يقول تعالى في محكم كتابه: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً".
أمّا حكم "الصلاة على النبيّ "فهي على اتفاق علماء السنّة أنّها "مستحبّة"، وهي واجبة مرّة واحدة في العمر على الأقلّ، وواجبة أيضاً عند سماع سيرة الرسول أو ذكر اسمه. وقد ذكرت أحاديث كثيرة في الصلاة على النبيّ، يقول "صلّى الله عليه وسلّم": "أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة"، و " البخيل من ذُكرتُ عندَه ثم لم يصلّ عليّ".
للصلاة على النبيّ فضائل كثيرة وآثار جميلة على المسلم، منها أنّها امتثال لأمر الله سبحانه وتعالى لنا بالصلاة عليه "صلوات الله عليه"، وفيها يرفع الله المؤمن درجات ويكتب له فيها عشر حسنات ويحطّ عنه عشر سيئات، وتستجاب دعوات المؤمنين بالصلاة على النبيّ، وهي كذلك سبب في شفاعة الرسول لمن يصلّي عليه، وهي صدقة وسبب لقضاء الحوائج وغفران الذنوب، وهي أيضاً سبب في صلاة الملائكة لهم، وسبب للنجاة من أهوال القيامة وتبشير العباد بالجنّة، وهي سبب لمحبة الرسول لنا وهداية الله وتثبيته على الصراط القويم.
من الأحاديث الواردة في فضل الصلاة على النبي وفوائدها على المسلم المؤمن، فقد ورد عن حديث عن "أبيّ بن كعب" أنّه قال: قلت: يا رسول الله إنّي أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت. فقلت: الربع. قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت: النصف. قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت: فالثلثين. قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل لك صلاتي كلها. قال: إذاً تكفي همّك ويغفر لك ذنبك. وكذلك يقول "صلّى الله عليه وسلّم": "من صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه عشر صلوات، وحطّ عنه عشر سيئات ورفعه بها عشر درجات"، كما ويقول: "من صلّى عليّ حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة". وأحاديث أخرى كثيرة واردة في الصحيحين في فوائد الصلاة على النبيّ الكريم صاحب الشفاعة "صلوات الله عليه وسلامه".