منذ بدء ظهور الدّول في العالم بدأت الصراعات بينها بالتزايد والتنامي بشكل كبير، فبعد أن بدأت الحضارة الإنسانيّة بالتطور زادت النزاعات بينها، ونشأ ما يسمّى بالحروب والتي حصدت ملايين الأرواح، وهي عبارة عن نزاعات في غالب الأحيان قد تكون مسلّحة بين كيانين لا يوجد بينهما اتّفاق وانسجام، وذلك بهدف فرض هيمنة أحد الطرفين على الآخر، وإيقاعه تحت سيطرته، وتتسبّب هذه الحروب بإيقاع الكثير من الضحايا والجرحى والمصابين، كما أنّها شرّدت الكثيرين عن منازلهم وعائلاتهم، فمن أكثر النتائج التي جناها البشر من الحروب هي الدمار والخراب، والحروب والمعارك التي جرت في العالم كثيرة جداً فلا يوجد قطر من أقطار العالم لم تخلُ أراضيه من وقوع الحروب عليها، وأمثلة المعارك كثيرة من أشهرها معركة واترلو.
معركة واترلو
هي معركة وقعت في عهد الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت، وكانت آخر المعارك التي خاضها في حياته، وقعت هذه المعركة بتاريخ 18 يونيو عام 1815 على مقربة من بروكسل في تل الأسد، وكان الطرفان المشتركان في هذه المعركة هما: الجيش الفرنسي بقيادة نابليون بونابرت، وجيوش الحلفاء بقيادة دوق ويلينغتون، والمارشال الألماني بلوخر.
وكانت معركة واترلو من أسوأ المعارك التي من الممكن أن يخوضها أحد، وذلك لما ألحقته من خسائر فادحة في الأرواح والعتاد بالنسبة للطرفين المشاركين في المعركة؛ إذ وصف الإنجليز الأشخاص الّذين صادفوا هذه المعركة بأنهم ذو حظ سيء جداً.
مجريات معركة واترلو
بالنّسبة لمجريات وأحداث المعركة فإنها جرت على نحوٍ معيّن؛ حيث بدأت كلّ النزاعات بشأن معركة واترلو منذ هروب نابليون بوتابرت من منفاه الواقع في جزيرة ألبا، ليفرض على الحلفاء هذه المعركة، مما اضطرّهم إلى إنهاء مؤتمر فيينا للبدء بتجهيز أنفسهم وحشد جيوشهم استعداداً للمعركة التي فرضها نابليون عليهم، وكان الحلفاء ينظرون إلى نابليون دائماً على أنّه مجرم؛ لذا قاموا بالاستعداد على أكمل وجه للمشاركة في هذه المعركة، وكانت قد حدثت في البداية معركتان تمهيديّتان لواترلو وهما: معركة ليني، ومعركة كواتربراس.
وبعد أن حشد الطرفان جيوشهما، بدأت جيوش الحلفاء بالتوافد إلى بلجيكا، وكانت أوّل الجيوش الواصلة إليها هي جيش الألمان بقيادة المارشال الألماني بلوخر، وجيش الإنجليز بقيادة دوق ويلينغتون، أما بقيّة جيوش الحلفاء فكان من المفترض أن يتوافدوا إلى جهة الراين، وبلغ عدد جنود جيوش الحلفاء ما يقارب 118 ألف جندي، بينما الجيش الفرنسي بقيادة نابليون كان قد بلغ عدد جنوده 72 جنديّاً، وكان نابليون يهدف إلى التفريق بين الجيشين الألماني والإنجليزي ليقضي على كلٍّ منهما على التوالي قبل وصول الإمدادت والعون إليهم من باقي جيوش الحلفاء.
تأخّر بدء هذه المعركة بسبب الوحل الّذي غطّى المكان لهطول الأمطار الّذي شهدته المنطقة في اليوم السابق للمعركة، وبدأت المعركة باحتلال مدفعيّات كلا الطرفين المتنازعين على التلال الموجودة هناك، والتي تعتبر مكان تمركزهم، وكان أوّل من بدأ المعركة هو نابليون عندما زجّ بالصفوف الأولى من جنوده في المعركة ليبدأ تراشق النيران بين الطرفين، وفي أوّل فرصة أُتيحت لنابليون لتوجيه الضربة القاضية للجيش الإنجليزي الّذي كان موقفه غاية في الضعف أمامه سارع بلوخر إلى إنقاذ الموقف والالتحام بسرعة مع الجيش الإنجليزي، ليهزم نابليون هزيمةً نكراء في هذه المعركة التي اعتبرت بمثابة القشة التي قصمت ظهر نابليون.
وعلى الرّغم من هزيمة نابليون النكراء والخسائر الكبيرة التي أوقعها العدو بجيشه؛ بحيث وصل عدد ضحاياه إلى 25 ألف ضحيّة بين قتلى وجرحى، وأسر 7 آلاف منهم، عدا عن فقد 15 ألف منهم في هذه المعركة إلّا أنّه ألحق بجيوش الأعداء الأضرار الفادحة، فأوقع منهم ما يقارب 22 ألف ضحيّة بين قتلى وجرحى، عدا عن الخسائر التي ألحقها بعتادهم.
ومع أنّ هذه المعركة كانت النهاية التي انتهت بها شخصيّة من أعظم الشخصيات التي عرفها التاريخ، إلّا أنّها كانت بدايةً لعصر جديد، وكانت من أبرز نتائج معركة واترلو: عودة نابليون إلى باريس ليتنازل عن عرشه، ونفيه إلى جزيرة سانت هيلينا.