المدّ والجزر
المدّ والجزر، ظاهرةٌ طبيعيةٌ تحدث في البحار والمحيطات، وتعرف على أنها ارتفاع وانخفاض يحدثان بشكل دوري ومنتظم لمنسوب مياه البحر.ولكن كيف تحدث هذه الظاهرة؟ وتعرف ما هو توقيت حدوثها؟، قبل أن نخوض في تفسير هذه الظاهرة يجدر بنا أن نتطرق ووسائل إلى نوعين من القوى الموجودة في كوننا بشكلٍ مختصرٍ كي يسهل على كل من يالبحث عن تفسيرٍ علميٍ لهذه الظاهرة أن يفهمها.
قوة الجاذبية
الجاذبية هي قوة تنشأ بين الأجسام تعمل على سحبها وجذبها إلى بعضها البعض، فكلّ جسمٍ يمتلك كتلةً معينةً له قوة جاذبيةٍ خاصةٍ به، وفي حال وجود جسمين لهما كتلتين فإنهما يعملان على جذب بعضهما البعض، حيث تزداد هذه القوة المتبادلة بينهما كلما زادت كتلتيهما أو كتلة أحدهما، وتنقص كلما زادت المسافة التي تفصل بينهما، ولو أخذنا الأرض والقمر مثالاً فسنجد أنّ هناك قوة تجذب بين هذين الجسمين، وكذلك الأمر بين الشمس والقمر. وهكذا حال أي جسمين آخرين مهما كبرت كتلتيهما أو صغرت.
قوّة الطرد المركزي
هي قوةٌ تنشأ عندما تتحرك الأجسام بشكلٍ دائريٍ أو منحنيٍ، حيث تعمل على دفع الأجسام بعيداً عن مركز الدوران، ومن أبسط الأمثلة عليها القوة التي نحس بها عند تواجدنا في المركبات حين تمر على طريقٍ دائريٍ أو منحنىً، حيث نشعر بقوةٍ تدفعنا خارج مسار الدوران أو الانحناء.
تفسير المد والجزر
يحدث المد والجزر بناءاً على تأثير ونتائج قوتين:
- قوّة الجابية: وتقسم إلى قسمين، قوة الجاذبية بين الأرض والقمر، وقوة الجاذبية بين الأرض والشمس، وتعتبر قوة الجاذبية بين الأرض والقمر العامل الرئيسيّ على حدوث المد والجزر، وذلك بسبب قربه من الأرض أكثر من الشمس، بالرغم من صغر حجمه بالمقارنة مع الشمس، ولكنّ المسافة تلعب دوراً كبيراً في هذه الحالة، أمّا الجاذبية التي تحدث بين الأرض والشمس فتعتبر عاملاً مساعداً على زيادة قوة المد والجزر أو إضعافه وذلك على النحو الآتي، تعمل جاذبية القمر على التاثير على سطح الأرض وبالتالي التأثير ونتائج على سطح المياه حين يكون قريباً من من هذه المسطحات المائية، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه فتحدث ظاهرة المد، والعكس تماماً حين يبتعد القمر عن هذه المسطحات المائية فتزول القوة المؤثرة على سطح المياه مما يؤدّي إلى انخفاضٍ في منسوبها فتحدث ظاهرة الجزر. أما قوة جذب الشمس فتعمل على النحو الآتي، كلّما اقتربت مواقع الشمس والأرض والقمر من التواجد على شكل خطٍ مستقيمٍ أو أقرب إلى المستقيم، كلما زاد تاثير الشمس بشكلٍ طرديٍ ومساعدٍ على زيادة قوة المد والجزر، وكلما ابتعدت عن التواجد على شكل خطٍ مستقيمٍ تعمل الشمس على إضعاف قوة جذب القمر للأرض، ممّا يؤدي إلى إضعاف المد والجزر، وهكذا تعتبر الشمس عاملاً منظماً لقوة المد والجزر، حيث يكون المد والجزر في أقوى حالاته حينما تكون الشمس والأرض والقمر على خطٍ مستقيمٍ، ويكون المد والجزر في أضعف حالاته حينما تكوّن الأجسام الثلاثة مثلثاً قائم الزاوية، أي تكون الشمس والقمر على طرفي ضلعي زاويةٍ قائمةٍ الأرض مركزها. ومن المعروف أيضاً أن المد والجزر يكون في أكبر حالاته حينما يكون القمر بدراً أو محاقاً.
- قوة الطرد المركزي، من المعلوم أن الأرض تدور حول نفسها وحول الشمس في ذات الوقت، الأمر الذي يؤدي إلى تولد قوىً طاردةٍ مركزيةٍ تؤثر في منسوب المياه على سطح الأرض، وتحدث ظاهرة المد والجزر مرتين في اليوم لنفس المسطح المائي، وذلك تبعاً لتقسيم اليوم القمري والذي مدته 24ساعةٍ و50دقيقةٍ تقريباً، حيث يحدث المد الأول لمدة 6 ساعاتٍ و12 دقيقةٍ تقريباً، ثمّ يتبعه الجزر لنفس المدة، ثم يعاود المد والجزر الكرة مرةً ثانيةً، ليكملان دورة اليوم القمري.
تتفاوت قوة المد والجزر من منطقةٍ إلى أخرى على سطح الأرض، فمن الطبيعي أن يسجل المد والجزر ارتفاعاً أو انخفاضاً لبضعة سنتيمتراتٍ فقط في منطقةٍ معينةٍ، وأمتاراً في منطقةٍ أخرى، ومن الأمثلة على ذلك، يصل ارتفاع المد في منطقة "خليج فوندي" في كندا إلى ما يزيد على 15مترٍ، بينما لا تتجاوز 40سنتيمترٍ في منطقة البحر الأبيض المتوسط.