الوطن
الوطن هو ذلك الغطاء الذي يغطي كافة من يعيشون على أراضيه، فأرض الوطن تضم أناسا من كل حدب وصوب، أناسا أحبوا بعضهم وقبلوا أن يعيشوا مع بعضهم البعض رغم وجود الفوارق بينهم وبشكل واضح وكبير مما سيؤثر على التطور وبشكل كبير جدا في العملية التعليمية للإنسان، ومما سيجعله متحصلا على العديد من الأمور التي لا يمكن لها إلا أن تسهم في زيادة التعاون بينه وبين الناس على اختلاف محدداتهم ممن يعيشون على أرض وطنه.
إن الإنسان هو من يصنع وطنه؛ فنحن نعطي الوطن من دون أي مقابل، لأن الوطن هو الأساس، فهو نحن، ومن يعطي الوطن بمقابل، أو من يتعامل مع وطنه بمبدأ المكافأة فإنه لم يعرف حقيقة الأرض التي يعيش عليها، ولم يقدر معنى الوطن أو المواطنة؛ فهذا الإنسان فاقد وبشكل كبير جدا لأجزاء كبيرة من نفسه التي ينضوي عليها.
لم يكن الوطن يوما ما قطعة من الأرض قابلة للمساومة أو للمراهنة؛ بل هي قطعة من الأرض المتجذرة في أعماق كل حر ينتمي إليها ويعيش عليها ويأكل مما تنبته، ويتنفس من هوائها، ويشرب ماءها، ويحدق إلى نجومها ليلا؛ فالوطن له نجوم تميز بها وتفرد بها عن غيره من بقاع العالم.
حب الوطن من الإيمان
حب الوطن من الإيمان ولا شك في ذلك؛ فالطريق إلى الله لا يكون إلا عن طريق الوطن؛ إذ إن الله تعالى عندما خلقنا أراد لنا أن نكون على هذه البقعة، فهو من اختار لنا مكان ولادتنا، ومن هم رفاقنا، ومن هم الذين سوف يحيطون بنا خلال مسيرة حياتنا. حب الوطن من الإيمان؛ لأن الإنسان عندما يحبذ وطنه يكسب الأمن فهو لن يضحي بوطنه إزاء مكاسب شخصية، ومتى توفر الأمن توفرت الظروف المناسبة لكي يتفكر الإنسان بالله – عز وجل -، فأغلب إخواننا الذين مزقتهم الحروب سواء في القديم أم في الحديث هم ممن عانوا صعوبة كبيرة في اكتشاف معنى الله الرحيم، ومعنى الله تعالى الرحيم لا يكتشف إلا بأوقات السلام والأمن والمحبة والهدوء، وليس بأوقات الدمار والحروب والقتل والذبح والحرق، ولهذا نرى أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعلى الرغم من أن معاركه تتشابه مع التدريبات العسكرية من حيث الشدة إذا ما تمت مقارنتها بما يحصل اليوم من معارك بالأسلحة العادية، فهي كوخزة الإبرة إذا ما قمنا بمقارنتها بالحرب النووية التي راح ضحيتها الملايين، وعلى الرغم أيضا من أنها لم تزهق أرواح أناس أبرياء مدنيين.
وعلى الرغم من أنه لم يعتدي فيها على أحد وكانت كلها حروبا دفاعية، إلا أننا نجده كان حريصا في صلح الحديبية على معاهدة قريش لمدة 10 سنوات، وذلك لعلمه ويقينه بأن أعداد الناس الذين سيعرفون الله ويؤمنون به في فترة السلم ستكون أضعاف من سيعرفونه في فترات الحرب.