الإيمان أكبر نعم الله على عباده ، فمن رزق الإيمان فإنه لم يفقد شيئاً قط ، و من حرم الإيمان فقد خسر كل شيء ، لعل المقدمة تستشكل على البعض ، فاعلم أن الله خلق الخلق جميعه و جعله على شاكلتين إثنتين فقط : خلق مجبول على الطاعة لا يعصي أبداً مثل الملائكة و السموات و الأرض و الدواب ما خلا الإنسان، و خلق مخير بين الطاعة و عدم الطاعة مثل الإنسان و الجن ، ولكن هذا النوع الثاني جعل الله في قلبه فطرة الإيمان فمن جحدها داخل نفسه جر نفسه للحرمان من الإيمان و الوقوع في الكفر .
و ما أن يجد العاقل نفسه على الطريق الصحيح و أنه مؤمن بربه خالقاً و رازقاً و مستحقاً للعبادة حتى تتمكنه السعادة و الغبطة على هداية الله سبحانه و تعالى له إلى طريق الصواب و الحق ، و يشكره جزيلاً لتثبيته على الفطرة السليمة التي لا يعتريها شك و لا يزحزحها باطل ، و يمعن الشكر أيضاً لله أن لم تزلّ قدمه كما زلت أقدام أناس في مستنقع الكفر المتناقض نتيجة قصر النظر و قصور البصيرة - هداهم المولى جميعا إن شاء بإذنه - و استكباراً و علواً أن ينقادوا لله خالقهم سبحانه الواحد الأحد الفرد الصمد القهار .
و لعل سائلا يسأل عن طريقة تقوية وتنمية الإيمان ، فقد ثبت لكل عاقل عن طريق العقل و صحيح النقل أن الشعور بالإيمان يصيبه ألق و شدة كما يصيبه كذلك تكدر و فتور ، و حتى تحافظ عزيزي القارئ على الإيمان في أوج حالاته فإن هناك طرقاً كثيرة يسردها العلماء المسلمون في ذلك يمكنك الرجوع إليها بالتفصيل ، و لكن للإيجاز أقول أن الإيمان بشيء عموما يقوى بزيادة تعلقك بما تؤمن به ، و لله المثل الأعلى ، فحاول أن تذكر الله كثيراً و تتفكر في عظيم شأنه كثيراً و تسبحه كثيراً و تتعبد له كثيراً و تنظر في خلقه و ملكوته كثيراً نظرة تفكر فاعلم أن لله في كل مخلوق خلقه آية تدل على وجوده و حكمته و لطفه فتأمل جيداً!! ، فستجد - بإذن الله - في نفسك طمأنينة و زيادة و قوة في الإيمان.