المكانيكا والحركة
يقسّم علم الفيزياء إلى الفيزياء الكلاسيكيّة والفيزياء الحديثة؛ حيث جاءت الثانية لتُفسّر الظواهر التي عجزت الأولى عن تفسيرها، وتُفنّد ما أخطأت الكلاسيكيّة في تفسيره بناءً على الأدوات والنظريّات الأولية التي كانت متوفّرةً آنذاك.
إنّ الحركة وقوانينها في الفيزياء تندرج ضمن الميكانيكا في الفيزياء الكلاسيكية؛ حيث يعود الفضل بشكل أساسي في دراسة قوانين الحركة بسرعة ثابتة أو تسارع ثابت بخط مستقيم وغيره، والقوة بأنواعها إلى العالم الفيزيائي الإنجليزي إسحاق نيوتن (1643م - 1727م)؛ إذ صاغ نيوتن قوانين الحركة الثلاث، وقانون الجذب العام؛ وهو أوّل من صنع مقراباً عاكساً، ودرس الألوان وسرعة الصوت، وله الفضل في تأسيس حساب التفاضل.
مفهوم وتعريف ومعنى القصور الذاتي
يُسمّى القانون الأول لنيوتن في الحركة بقانون "القصور الذاتي"، والذي ينصّ على أنّ " الجسم الساكن يبقى ساكناً، والجسم المتحرك في خط مستقيم بسرعة ثابتة يبقى كذلك، ما لم تؤثّر فيه قوة محصلة ". ومعنى ذلك أنّ الجسم قاصر؛ أي عاجز من تلقاء نفسه عن تغيير حالته الحركية، وذاك لأنّ الأجسام بطبيعتها تميل للمحافظة على حالتها الحركية سواءً أكانت ساكنة أم متحركة؛ فالجسم الساكن يميل لأن يبقى ساكناً، وكذلك الجسم المتحرّك بسرعة ثابتة في خط مستقيم يميل لأن يبقى متحركاً في نفس حالته الحركية، وبذلك تُمانع الأجسام بشكل عام تغيير حالتها الحركية.
تطبيقات على القصور الذاتي
إنّ المشاهدات والتطبيقات التي يمكن تفسيرها اعتماداً على خاصية القصور الذاتي كثيرة جداً؛ فهناك السيارة التي تسير بخط مستقيم وبسرعة ثابتة، ثمّ تتوقّف بشكل مفاجئ؛ فإنّ الراكب في السيارة يندفع بشدة نحو الأمام، وتفسير ذلك يستمد من مفهوم وتعريف ومعنى القصور الذاتي حيث كان جسد الراكب متحركاً بسرعة السيارة، فعندما توقفت السيارة فجأة بفعل الكوابح بقي متحركاً بالسرعة والاتجاه نفسه محافظاً على حالته الحركية عاجزاً عن إيقاف نفسه بنفسه.
من هنا تظهر أهميّة استخدام حزام الأمان وتثبيت الحمولات والبضائع على المركبات؛ إذ يتمّ استخدام حمّالة الأمتعة فوق المركبات، فإذا ما توقّفت الحافلة بشكل مفاجئ فإن الحمالة تمنع الأمتعة من الانزلاق، كما أنّ مسند الرأس الذي يثبت فوق مقاعد السيارات تطبيقاً آخر على الاستفادة من قانون القصور الذاتي. انتشر حديثاً استخدام وسائل أمان أخرى في السيارات الحديثة؛ وهي الوسادة الهوائيّة التي تنتفخ عند وقوع حادث فتقلّل من سرعة الراكب وتمنع اندفاعه للأمام. إذاً نتوصّل من القانون الأول لنيوتن في الحركة المُسمّى بقانون القصور الذاتي أن أيّ جسم له كتلة قصور تجعله يمانع التغيير في الحركة.