يُعدّ كتاب «أحكام القرآن» أو «الأحكام الكبرى» لأبي بكر بن العربي من أهم مصادر التفسير الفقهي، بل يُعتبر من أمهات كتب المالكية التي تُبيّن أسرار القرآن ومآخذ الأحكام.
ومؤلّفه ـ رحمه الله ـ هو الإمام المحدّث، الحَبرُ المفسّر، الأصوليّ، اللغوي، الرُّحلة، أبو بكر محمد ابن عبد الله بن محمد بن العربي المعافري، نسبة إلى معافر بن يعفر بن مالك... ينتهي نسبه إلى قحطان، وهو معدود ضمن أعيان المالكية في زمانه، أخذ عن أشهر العلماء في المشرق والمغرب، وتلقى عنه احسن وأفضل نجباء الزمان، أمثال: القاضي عياض، وابن بشكوال، وغيرهما من الأعلام، يقول عنه تلميذه ابن بشكوال: «وكان من أهل التفنن في العلوم والاستبحار فيها والجمع لها، متقدماً في المعارف كلها، متكلماً في أنواعها، نافذاً في جميعها، حريصاً على أدائها ونشرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب منها، ويجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق، مع حسن المعاشرة ولين الكنف، وكثرة الاحتمال وكرم النفس، وحسن العهد، وثبات الوعد»، وترك ـ رحمه الله ـ إرثا زاخرا من المؤلّفات التي أغنت الخزانة الإسلامية، ومن أهمّها كتابنا هذا.
وقد ذكر الإمام ابن العربي ما هى اسباب تأليفه للكتاب في المقدّمة، ومما يُستغرب له أنّ هذه المقدّمة لم تثبت في جميع طبعات الكتاب ابتداء من النشرة التي صدرت بأمر السلطان مولاي عبد الحفيظ سنة 1331هـ، إلى آخر طبعة صدرت ببيروت، وقد وُفّق بعض المتخصّصين إلى الوقوف على نسختي إستانبول وبرلين، ونقل عنهما مقدّمة المؤلّف التي يقول في معرض كلامه عن سبب تأليفه لأحكام القرآن: «وقد نُجز القول في القسم الأوّل من علوم القرآن وهو التوحيد، وفي القسم الثاني وهو النّاسخ والمنسوخ على وجه فيه إقناع، بل غاية لمن أنصف وكفاية؛ بل سَعة لمن سلَّم للحقّ واعترف، فتعيّن الاعتناء بالقسم الثالث وهو القول في أحكام أفعال المكلّفين الشّرعية...»، فبان بهذا أنّ المؤلّف أراد أن يسدّ فجوةً في ما أَلّفه من مصنّفات عن علوم القرآن، وهو القسم الثالث من الكلام في أحكام المكلّفين استنباطاً من نصوص السّور والآيات.
واستخرج ابن العربي من سور القرآن آيات الأحكام، وتناول ما تضمنّته من مسائل وفروع فقهية، مستنيراً بمعرفته اللغوية ودرايته الحديثية وتفننه في عدد من العلوم، وجرى في استنباطاته واختياراته على الاستدلال بالكتاب والسنّة والاعتماد على القواعد الفقهية وما تقرر عند الأصوليين. وهو في كلّ ذلك يوازن بين المذاهب، ويؤيد رأيه بالحجّة والمنطق السّليم، وينتصر لمذهب مالك في كثير من الأحيان، وهو شديد النّفرة من الأحاديث الضعيفة، ويبتعد ما وسعه ذلك عن الخوض في الإسرائيليات التي ملأت الكثير من التفاسير.
وقد اعتمد ابن العربي في تأليفه على كمّ هائل من المصادر والأمهات، وأكثر ما يمكن أن يقال عن أهمّ مصدر اعتمده هو حافظته الغنية بما تلقّى خلال رحلته الواسعة عن المشايخ والعلماء، وهذا ما ترك أثره الكبير فيمن جاء بعده؛ ودفع العلماء إلى اعتماد كتبه والإكثار من النقل عنها كتعرف ما هو الشأن بالنسبة إلى كتابه هذا الذي أكثر النّقل عنه جماعة من المفسرين منهم القرطبي وابن كثير وغيرهما، وللأستاذ علال الفاسي تعليقات عليه نشرت في كتاب مفرد بالرباط.
وقد طبع أحكام القرآن ـ الذي يبدو أنّه الأحكام الكبرى ـ مراراً، وهو يحتاج إلى طبعة أكثر إتقاناً وضبطاً، ولابن العربي أيضا «الأحكام الصغرى» وهي مطبوعة في مجلّدين بتحقيق سعيد أعراب عن مؤسسة الإسيسكو.
نسبة :هو الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن احمد المعا فري المعروف بابن العربي وهو غير ابن عربي الصوفي *قدس الله سره * الفقيه المالكي القاضي أحد حفاظ الأندلس من أهل اشبيلية .
ووالده هو الفقيه الوزير أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن العربي المعافري:ولد بإشبيلية الأعمال التي قام بها والوظائف التي شغلها وسيرته فيها: ولي القضاء.
تلاميذه :القاضي عياض، السهيلي أبو زيد، أبو الحسن عبد الرحمن بن عبد الله بن احمد العلامة الأندلسي المالقي
مؤلفاته :
1.الوصول إلى معرفة الأصول.
2. العواصم والقوا صم .
3. أنوار الفجر في مجالس الذكر .
4. أحكام القرءان الكبرى.
5. أحكام القرءان الصغرى .
6.قانون التأويل وفاته :توفى رحمه الله قرب مدينة فاس حماها الله مُنْصَرفَهُ من مراكش وقيل مات مسموما سنة *514هـ *. أهـ