كتاب أحكام القرآن لأبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص المتوفى سنة 370 هجرية . من كتب أحكام القرآن الكريم على مذهب الحنفية . وهو كتاب ثمين جداً ، بل يعد من احسن وأفضل كتب أحكام القرآن . ويقع في ثلاثة مجلدات ، وله عدة طبعات . لدي منها طبعة دار الفكر في ثلاثة مجلدات . وهناك طبعة قديمة في تركيا لهذا الكتاب ، توجد في بعض المكتبات العامة وهي طبعة جيدة على قدمها. ولا أعرف لهذا الكتاب تحقيقاً مطبوعاً يمكن الإشارة إليه.
وأما البحوث التي دارت حول هذا الكتاب فهي كثيرة . فقد تناوله عدد من الباحثين بالدراسة في بحوثهم العلمية ، دراسة لمنهجه في الكتاب ، وتحليلاً لبعض جوانبه ، وقد اتهم بميله إلى المعتزلة في بعض مباحث كتابه. ولست أتذكر العناوين التي كتبت بها تلك البحوث ، ولكنها كثيرة ما بين رسائل علمية ، وبحوث محكمة منشورة في المجلات.
المؤلف : أبو بكر، أحمد بن علي الرازي، الجصّاص الحنفي، نسبة.
قال الذهبي: "الإمام العلامة المفتى المجتهد عالم العراق، صاحب التصانيف، وكان مع براعته في العلم ذا زهد وعبادة، وامتنع عن القضاء. وفي تاريخ بغداد: ولد سنة 305"
شيوخه:أخذ عن أبي سهل الزجّاج، وعن أبي الحسن الكافي، ومن طبقته الطبراني. وتفقه عليه: أبو بكر، أحمد بن موسى الخوارزمي، ومحمد بن يحيي الجرجاني، ومحمد بن أحمد النّسفي، وأبو الحسن الزعفراني، وأحمد بن محمد بن عمر المعروف بـ ابن المسُلِمة.
مؤلفاته:
- شرح مختصر الكَرْخي.
- شرح مختصر الطحاوي.
- جامع محمد بن الحسن.
وفاته:توفي - رحمه الله تعالى - سنة 370هـ، وله خمس وستون سنة.
المنهج العام:لا يفسّر كل آية من القرآن، وإنما ينتقي آيات الأحكام، فسورة البقرة مثلاً ابتدأ تفسيرها بقوله: "ومن سورة البقرة: قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ). [البقرة: 3].". وذاك أنه يُعني بتفسير آي الأحكام بالدرجة الأولى دون غيرها، وهو خلاف منهج القرطبي مثلاً الذي التزم تفسير الكل.
مثال من تفسيره: عند تفسير قوله تعالى: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ). [البقرة: 3]. قال:فحوى الخطاب دلالة على أنَّ المراد المفروض من النفقة، وهي الحقوق الواجبة لله تعالى من الزكاة وغيرها. كقوله تعالى: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ). [المنافقون:10).
وعند قوله تعالى: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ). [القلم:10]. (4) قال: "قيل: من يحلف بالله كاذباً، وسماه مهيناً لاستجازته الكذب والحلف عليه، والحلّاف: اسم لمن أكثر الحلف بحق أو باطل، وقد نهى الله عن ذلك بقوله: (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ). [البقرة: 224].".
تفسير القرآن بالسُنَّة:
- عند تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْقَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ). [البقرة: 14]. قال: "يحتج به في استتابة الزنديق ...متى أظهر الإيمان، لأنّ الله تعالى أخبر عنهم بذلك ولم يأمر بقتلهم، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقبول ظاهرهم دون ما علمه هو تعالى من حالهم...".
ثم قال: "وهو يظهر من قوله عليه السلام: أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله؛ فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله".
ثم قال أيضاً: "وأنكر على أسامة بن زيد حين قتل في بعض السرايا رجلاً...".
- عند تفسير قوله تعالى: (هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ). [القلم: 11] (5) قال:"يعني وقّاعاً في الناس، عابئاً لهم بما ليس فيهم، وقوله: (مَّشَّاء بِنَمِيمٍ). [القلم: 11] يعني ينقل الكلام من بعض إلى البعض على وجه التضريب بينهم.وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنّة قتات. يعني النّمّام".