الأضحية في الشرع اسم لما يذبح من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق تقربًا إلى اللَّه تعالى، فما يذبح من غير هذه الأنواع لا يسمى أضحية، وما يذبح منها في غير هذه الأيام لا يسمى أيضًا أضحية، وما يذبح في هذه الأيام لغير التقرب إلى اللَّه لا يسمى أيضًا أضحية.
حكمة مشروعيتها تتلخص في ناحيتين:
ناحية تاريخية وهي تخليد ذكرى فداء إبراهيم لابنه إسماعيل عليهما السلام، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فعن زيد بن أَرقم قَالَ قَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَا رَسُول الله مَا هَذِه الْأَضَاحِي قَالَ «سنة أبيكم إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه» قَالُوا فَمَا لنا فِيهَا يَا رَسُول الله قَالَ «بِكُل شَعْرَة من الصُّوف حَسَنَة»
وناحية اجتماعية، وهي إطعام الطعام والتوسعة على الفقراء بمناسبة العيد، وإشاعة للفرح والسرور، إلى جانب ما يرجى من الثواب على ذلك. الدليل على مشروعيتها: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَصَل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قِيل فِي تَفْسِيرِهِ: صَل صَلاَةَ الْعِيدِ وَانْحَرِ الْبُدْنَ. وما رواه البخاري ومسلم عن أنس قال: ضَحَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. والأملح الذي بياضه أكثر من سواده وقال: هو النقي البياض، والأقرن ماله قرنان، وصفاحهما أي جنبهما.
وقد شرعت التضحية في السنة الثانية من الهجرة النبوية، وهي السنة التي شرعت فيها صلاة العيدين وزكاة المال. حكمها: جمهور الفقهاء: إنها سنة غير واجبة، واختلف في وجوب الأضحية على الموسر، فقال جمهورهم: هي سنة في حقه، إن تركها بلا عذر لم يأثم، ولم يلزمه القضاء، وقيل: هي واجبة على الموسر، لما روي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم «من وجد سَعَة لِأَن يُضحي فَلم يضح فَلَا يحضر مصلانا»
فضل الأضحية: ما رواه الترمذي عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَا عمل آدَمِيّ من عمل يَوْم النَّحْر أحب إِلَى الله من إهراق الدَّم وَإنَّهُ لتأتي يَوْم الْقِيَامَة فِي فرشه بقرونها وَأَشْعَارهَا وأظلافها وَإِن الدَّم ليَقَع من الله بمَكَان قبل أَن يَقع من الأَرْض فطيبوا بهَا نفسا» وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا» وعَن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «يَا فَاطِمَة قومِي إِلَى أضحيتك فاشهديها فَإِن لَك بِأول قَطْرَة تقطر من دَمهَا أَن يغْفر لَك مَا سلف من ذنوبك» قَالَت يَا رَسُول الله ألنا خَاصَّة أهل الْبَيْت أَو لنا وللمسلمين قَالَ «بل لنا وللمسلمين»
ما يستحب للمضحي: عن أم سلمة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحى فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحى» فذهب بعض العلماء إلى أنه يحرم أخذ شىء من شعر الإنسان أو أظفاره إذا أراد أن يضحى حتى يضحى. وقيل: إنه مكروه كراهة تنزيه وليس بحرام، وقيل: لا يكره الحلق والتقصير.
ما يضحى به: يشترط فيه شروط:
الشرط الأول: أن يكون من الإبل أو البقر أو الغم، قال النووي: وأجمع العلماء على أنه لا تجزى الضحية بغير الإبل والبقر والغنم، فالشاة تجزئ عن واحد، والبدنة والبقرة تجزئ كل منهما عن سبعة.
الشرط الثاني: السن: يجزئ من الضأن ما أتم ستة أشهر، ومن المعز ما بلغ سنة ودخل في الثانية، ومن البقر ما بلغ ثلاث سنين ودخل في الرابعة، ومن الإبل بما بلغ خمسا.
الشرط الثالث: سلامتها من العيوب الفاحشة: وهي العيوب التي من شأنها أن تنقص الشحم أو اللحم، وبناء على هذا الشرط لا تجزئ التضحية بما يأتي:
(1) العمياء.
(2) العوراء البين عورها، وهي التي ذهب بصر إحدى عينيها (3) مقطوعة اللسان بالكلية. (4) ما ذهب من لسانها مقدار كثير. (5) الجدعاء وهي مقطوعة الأنف. (6) مقطوعة الأذنين أو إحداهما، وكذا السكاء وهي: فاقدة الأذنين أو إحداهما. (7) ما ذهب من إحدى أذنيها مقدار كثير (8) العرجاء البين عرجها، وهي التي لا تقدر أن تمشي برجلها .
الوقت الشرعي لذبحها: وقت الأضحية ينبغي أن يذبحها بعد صلاة العيد، وحينئذ تجزيه بالإجماع، قال ابن المنذر: وأجمعوا أنها لا تجوز قبل طلوع الفجر يوم النحر، ومن هذا يعلم أن الذين يذبحون يوم عرفة أو ليلة العيد قبل الفجر لا يقع ذبحهم عن الأضحية المشروعة، أما آخر وقت الأضحية فهو متسع، قال الشافعي: تجوز التضحية في يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة بعده.
ويستحب أن يتولى الإنسان ذبح أضحيته بنفسه، ولا يوكل في ذبحها إلا لعذر وحينئذ يستحب أن يشهد ذبحها، وإن استناب فيها مسلما جاز بلا خلاف وإن استناب كتابيا كره كراهة تنزيه وأجزأه ووقعت الضحية عن الموكل، ويجوز أن يستنيب صبيا أو امرأة حائضا.
توزيع الأضحية: تقسم الأضحية تقسيما تقريبا إلى ثلاثة أقسام: الأول للمضحي، والثاني يتصدق به على الفقراء والمحتاجين، والثالث يهدى إلى الأقارب والأصدقاء والجيران.
تنبيه مهم: لا يجوز إعطاء الجزار أو من يذبح الأضحية شيء من لحمها أو جلدها كجزء من أجره، بل يكون أجره مبلغ مالي يتفق عليه. عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما باع جلد أضحيته فلا أضحية له».