الصيام
أمرنا الله سبحانه وتعالى بالصيام وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة التي يقوم الإسلام عليها، والصيام المفروض علينا هو صيام شهر رمضان المبارك، أحد الأشهر المباركة عند الله عز وجل والتي يغفر الله فيها للعبد المسلم الذي يقوم بتأدية فريضة الصيام على أكمل وجه، فكما أخبرنا النبي أنّ كل الطاعات التي يقوم بها الإنسان هي لنفسه ليدخله الله الجنة ويرضى على عبده، إلّا الصيام فإنه لله عز وجل هو الذي يجزي به، وقد فرض الله سبحانه وتعالى الصيام على المسلمين في السنة الثانية من هجرة النبي إلى المدينة المنورة، وقد أنزل الله في كتابه ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ )، وهذا يدلّ على وجوب الصيام على كل مسلم شهد أنّ لا إله إلّا الله وأن محمد رسول الله.
حكم الصيام
اتفق علماء المسلمين على وجوب الصيام، وأنّ المسلم إذا ترك الصيام وهو جاحدٌ به وبوجوبه عليه، فإنه كافر يخرج من ملة الإسلام، إلّا أن يكون المسلم من الذين دخلوا إلى الإسلام من وقت قصير ولم يتعلموا أحكامه جيداً أو أن يكون المسلم من سكان المناطق البعيدة عن العلماء مثل البدو الذين يسكنون في الصحراء ولا يعرفون أحكام الإسلام والصيام، لذلك يجب على المسلم العاقل البالغ أن لا يترك هذه الفريضة التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها إلّا بعذرٍ شرعي وإلا فقد ينال المسلم غضب الله عليه والذي يؤدي به إلى نار جهنم خالداً فيها.
ماهية الصيام
الصيام في اللغة هو الإمساك عن الشيء، أمّا شرعاً فإنّ الصيام يعني الإمساك عن الطعام والشراب والكلام الذي نهى الله عز وجل عنه من الفجر وحتى غروب الشمس عند أذان المغرب.
فروض الصيام
يجب على المسلم أن يقوم بالفرائض التي تجب على الصائم، ومن هذه الفروض:
- النية: فيجب على الصائم أن ينوي الصيام سواءً في قلبه أو على لسانه، ولا يشترط التلفظ بالنية، ولكن يجب أن ينوي الإنسان الصيام عند تناول السحور قبل دخول موعد أذان الفجر، ولا يكفي المسلم أن ينوي صيام الشهر بأكمله كما يفعل البعض ولكن يجب أن تكون النية في كل يوم من أيام شهر رمضان.
- الإمساك عن الطعام والشراب وغيرها من المفطرات: فيجب على المسلم الصائم أن يمتنع عن الطعام والشراب وأي مفطرات مثل الدخان وأي شيء يدخل إلى جسم الإنسان عن طريق الفم أو الأنف، ومن المفطرات كذلك عدم تعمد التقيؤ حتى إذا لم يرجع القيء إلى المعدة فهو من الأمور التي تؤدّي إلى الإفطار في رمضان.
الأمور التي تؤدي إلى إفساد الصوم
- الطعام والشراب: فالمسلم الصائم إذا تعمد تناول الطعام والشراب في نهار رمضان وقبل دخول موعد الإفطار وهو غروب الشمس فقد أفطر باتفاق العلماء.
- التدخين: إنّ شرب الدخان في نهار رمضان يؤدي إلى الإفطار، وذلك كما أجمع علماء المسلمين بالاتفاق.
- الإبر التي يأخذها الإنسان للتغذية من فيتامينات: فهي تعمل على تقوية وتنمية الجسد وزيادة تحمله على الصيام وترك الطعام والشراب.
- التقيؤ المتعمد الذي يقوم به الإنسان وحتى لو لم يعود القيء في معدته، فإنّه يُعتبر من الأمور التي تؤدي إلى الإفطار.
- الجماع مع الزوجة، فهذا الأمر يؤدي إلى الإفطار في نهار رمضان.
- الحيض أو النفاس للمرأة، فعندما تحيض المرأة يجب عليها الإفطار ولا يجوز لها الصيام في ذلك اليوم، وعندما تلد المرأة وتصبح نفاس فإنه لا يجوز لها أيضاً الصيام ويجب عليها إفطار تلك الأيام حتى تطهُر.
- القيام بالعادة السرية، فيجب على من يقوم بالعادة السرية في نهار رمضان أن يقوم بالإفطار في هذا اليوم.
- البخور التي يقوم باستنشاقها الصائم متعمدا القيام بذلك.
قضاء الصيام
يجب على العبد المسلم إذا فاته صيام يوم من أيام رمضان أن يقوم بقضائه بعد أن ينتهي شهر رمضان، لأن صيام رمضان فرض على كل مسلم ولا يجوز أن لا يقوم بقضائه، ويفضل أن يقضي المسلم الأيام التي افطرها بعد انتهاء رمضان مباشرة، ويفضل أن يقوم بقضائها بشكلٍ متتالٍ حتى ينال رضا الله عنه، وسنقوم هنا بمعرفة بعض الأحكام في قضاء الصيام عن الأيام التي أفطر فيها المسلم.
- تعرف ما هو حكم الذي لم يقض ما عليه من الصيام حتى جاء رمضان الذي بعده؟
لقد اتفق العلماء على أن هذا الأمر ينقسم إلى قسمين:
- الأول أنه إذا أفطر في رمضان مع وجود العذر، مثل أن يكون أصابه المرض، أو أن يكون مسافراً، أو أن تكون امرأة ذات حيض أو نفاس، فإنه في هذه الحالة يجب القضاء فقط حتى لو جاء رمضان والمسلم لم يقضِ الأيام التي أفطرها من رمضان السابق.
- الثاني أنه إذا أفطر في رمضان مع عدم وجود العذر، فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل التوبة النصوح التي لا رجعة فيها، وعليه أن يؤدي كفارة إلى الله وتكون بإطعام المساكين والفقراء ما مقداره كيلو ونصف من التمر أو الأرز أو القمح عن كل يوم يقوم بقضائه من الأيام التي قام بإفطارها.
- تعرف ما هو حكم من ترك صيام العديد من شهور رمضان قبل وقتٍ كبير ونسي مدّة إفطاره؟
- اتفق العلماء أنه يجب عليه أن يقضي هذه الأيام، ولكن في حالة وجود العذر يجب عليه قضاؤها فقط، أما في حالة عدم وجوده فيجب عليه القضاء مع الكفّارة والتي تكون كيلو ونصف من قمحٍ، أو أرزٍ، أو تمرٍ، مع وجوب الاحتياط، فإذا كان الشك أن عدد الأيام التي قام المسلم بإفطارها خمسة أيام أو ستة فإنّ عليه قضاء ستة أيام كاملة.
- تعرف ما هو حكم من يريد قضاء الصيام ولا يستطيع بسبب المرض؟
- اتفق العلماء على أنّه لا يجب قضاء الصيام والمسلم في حالة المرض، فينتظر حتى يشفيه الله ثم يقوم بقضاء ما عليه من الصيام مع عدم وجود كفارة بسبب المرض.
- تعرف ما هو حكم من يحاول قضاء الصيام، ومات قبل القيام بالقضاء؟
- إذا كان المسلم غير قادر على القضاء بسبب بعض الأعذار مثل المرض، فإنّ الله لا يعاقب المسلم المتوفى على عدم قضاء الأيام التي أفطرها في رمضان.
- أما إذا كان المسلم قادراً على الصيام ولم يكن له أي عذرٍ، فإن الله سوف يعاقبه يوم القيامة، فيجب على أهل المتوفى أن يقوموا بالقضاء عنه.
- هل يجب على المسلم أن تكون أيام قضاء الصيام متتابعة؟
- اتفق العلماء على أنه لا يجب على المسلم الذي يقضي صيامه أن يقوم بالصيام في أيام متتابعة، فيجوز أن يصومها متتابعة ويجوز غير ذلك.
- هل يجوز صيام التطوع قبل قضاء الصيام في رمضان؟
- لا يجوز للمسلم أن يصوم صيام التطوع وهو عليه قضاء صيام بعض الأيام في شهر رمضان، فالفرض يُقدم على السنة، فمن غير المعقول أن تقوم بإعطاء الصدقة وأنت عليك الكثير من الدَين والله أعلم.
حكم ترك الصيام
الصيام هو أحد أركان الإسلام الخمسة التي تعتبر أعمدة الإسلام، لذلك يجب على المسلم أن لا يترك صيام شهر رمضان إلّا بعذرٍ شرعي كالسفر أو المرض، ولكن من ترك صيام شهر رمضان بدون أن يجحد وجوب صيام الشهر، فإنّه عاصٍ تجب عليه التوبة إلى الله عز وجل وقضاء الأيام التي لم يقم بصيامها بعد التوبة، وإطعام مسكين في كل يوم يقضي فيه إن كان قادرا على ذلك، أما إذا كان جاحدا لوجوب الصيام فإنه كافر، بسبب إنكاره لأحد أركان الإسلام الخمسة، ولذلك يجب أن تقوم المحاكم الشرعية بالاستتابة لهذا المسلم فإن لم يتُب وأصر على جحوده للصيام فإنه يجب أن يُقتل لأنه مرتد عن الإسلام.
الإسلام دين يسر
إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وهو الأعلم باحتياجاته، لذلك فإن الإسلام أمرنا في التوسط ما بين الروح والجسد، وراعى احتياجات الإنسان وضعفه، قال الله تعالى ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )، لذلك فإن الله أمرنا بالإفطار في نهار رمضان في حال كان الصائم مريضاً أو كان مسافراً، وذلك للمشقة التي تكون في حالة المرض أو السفر ولا يقدر الصائم على إكمال نهار رمضان دون الطعام والشراب أو الأدوية التي يتناولها.