كثيراً ما نسمع شخصاً يصفُ آخر بأنّهُ ( مفصوم ) لأنّهُ مُتقلّب الِمزاج . لا يمكننا أن نقول أن كل متقلّب المِزاج يعاني من إنفصامٍ بالشخصية ، فكُلنا نُعاني من ذلك بين الحين و الآخر لأسبابٍ مختلفة هذا أولاً ، ثانياً مرض إنفصام الشخصية شيء و تقلب المزاج شيءٌ آخر .
إنفصام الشخصية بالمعنى البسيط عبارة عن مرض عقلي و نفسي مُزمن نادر يُصيب 1% من الأشخاص يتمثل بتَغّير في طريقة التفكير و ببعض السلوكيات الخارجة عن المألوف للمريض ، كالخوف و العُزلة و البعد عن الواقع و البعد عن الحياة الإجتماعية .
و يجدر الإشارة أنّ الشخص الذي يُعاني من إنفصام بالشخصية لا يمتلك إلّا شخصية واحدة و ليس كما يُعتقد بأنّهُ يمتلك شخصيات مُتعددة . كما أنّ المريض بهذا المرض لا يُعد خطراً على المجتمع والأفراد ، فمن يعاني من هذا المرض يعيش في عالمه الخاص مُنعزلاً عن الآخرين و يكون فاقداً للرغبة بأي شيء و مُنعدم الحافز و الطاقة و لذلك فهو لا يُشكلون خطراً على أحد . و يحدث إنفصام الشخصية للرجال و النساء و بنسبٍ متساوية فهو لا يعتمد على جنس المريض و قد يصيب المراهقين و الشباب و كبار السن فهو لا يعتمد على العمر ، و قد تكون أسبابهُ وراثية و قد تكون لما هى اسباب و عوامل خارجية كضغوطات الحياة اليومية . من المُمكن علاج و دواء مريض الإنفصام الشخصي بالأدوية بحيث يُصبح شخصاً طبيعياً يمارس حياتهُ اليومية الطبيعية و يحظى بعلاقات إجتماعية ، إذا تم الكشف عنه مُبكراً و علاجهُ بالطريقة الصحيحة ، فهو من الأمراض التي يمكن التعايش معها بالعلاج و دواء لكن لا يمكن الشفاء منها . و لكن إذا لم يتم الكشف عنهُ مبكراً و لم يُعالج كما يجب فإنّ حالة المُصاب به تسوء و يصبح بحاجة لدخول المصحات و المستشفيات العقلية و النفسية المتخصصة .
و لا بُد من التعاطف مع من يعانون من هذا المرض النفسي المزمن ، فهم لا يدركون ما يفعلون ، فصلتُهم بالواقع تكون شبه معدومة كونهم يعيشون في عالمهم الخاص ، عالم من صُنعهم و خيالهم ، فهم يشعرون بالخوف من أيّ شيء و من كل شيء ، فبعضهم قد يشعر أنّ أحداً ما يُريد قتله أو أنّ آخر يريد إيذاءه ، و قد يشعر بأنّهُ غير محبوب أو غير مرغوب به ممن حوله ، فيبتعد عن الجميع و يعيش بعزلة وواقع آخر .
و من حُسن الحظ أنّهُ بالإمكان علاجه و السيطرة عليه بحيث يعيش الشخص حياة طبيعية و مُنتجة مادام يُعالج بانتظام و بطريقة صحيحة ، و مادم يحصل على الدعم من أفراد عائلته و المقربين إليه و من مجتمعه ، فلا بُد من أن يكون هناك وعي مجتمعي بما يتعلق بالأمراض النفسية حتى نساعد الأشخاص الذين يعانون منها على العيش بطريقة و صورة عادية طبيعية .