يتقيد بعض البشر بعادات غريبة كثيرة أو طقوس أو معايير، وكأن الحياة ليس فيها ما يكفي من الضوابط والقيود أو الأحكام، ويلزمون نفسهم بأمور ليس فيها أي موضوعية إلا من حيث وجهة نظر شخصية وهي بالنهاية لا تكون إلا عبارة عن محددات للحرية أو وضع الإنسان نفسه بقوالب معينة يجمّد نفسه في داخلها، ويصبح محكوما شعوريا بها فإذا ما تم كسر أحد هذه القوالب تراه حزيناً مكتئباً لما قد حصل له من سوء وهو في الحقيقة عبارة عن كسر لقالب وهمي لا يؤثر عليه كإنسان شيئاً إلا في خياله، ولو نظرنا كبشر لمدى المحددات التي نضعها لأنفسنا لذهلنا بمدى إلتزامنا بخيوط وهمية هي بالأساس ليست ناتجة عن إعتقاد أو إيمان أو مبدء بل ناتجة عن إلتزام مجتمعي أو معايير لا تعنينا بشيء على أرض الواقع، بل وتحدننا لنصبح متشابهين وكأننا عبارة عن قطع من المعجون يشكلها بعض الأشخاص ويفرضونها عليها كمقاييس يجب أن نعيش وفقها، وأهم مثال على مثل هذه القيود، القيود الشكلية التي نفرضها على نفسنا ليس بدافع الصحة أو الجمالية بل بدافع الالتزام بمقياس محدد لنكون مقبولين أكثر، وسنرى تبعا لهذه المقاييس التي أصبحت شيئاً ضروريا عادات قد تصل لحد الإيذاء الإنساني دون أي سبب موضوعي أو منطقي .
فمثلاً تقوم بعض الشعوب الآسيوية بإلباس بناتها أحذية ضيقة أثناء سن الطفولة وتمنعهن من نزعها إلا لأوقات قصيرة كطريقة لمنع نمو القدم لأن القدم الصغيرة تعد من الصفات الجمالية !، هذا الفعل يجعل الأطفال البنات يعانين الأمرين من الألم وعدم التوازن وعدم العيش ضمن التطور الطبيعي للجسم فقط لأن صغر القدم يعتبر صفة جمالية، وبعض الشعوب الأخرى تقوم بلف الأطفال بقماش ليصبح هذا القماش حول الطفل كالشرنقة ومن ثم تربيطه بحبل من قماش آخر بشكل محكم وذلك لكي يكتسب شكل جسمه مظهراً معيناً، وهكذا الكثير من العادات التي تعرض الأفراد للأذى تبعا لخطوط وهمية تسير وفقها قواعد عامة غريبة لو فكر بها الإنسان قليلاً لرأى أنها بالية .
ولكن المشكلة الأكبر عندما يصل الإنسان لسن الرشد ويقوم بإتباع عادات كهذه بمحض إرادته ليتماشى مع مقاييس عالمية وضعها أشخاص آخرون، كأن يطمح الرجل بحجم عضلة معين فيعرض نفسه لمواد غير طبيعية عن طريق الحقن، أو ترغب المرأة بإمتلاك خصر ذو حجم معين على الرغم من أن خصرها لا يعاني من سوء مثلا فهو لا يعاني من سمنة ولا من نحالة ولكنها ترغب أن تكون مطابقة للمقاييس، والأغرب أن هناك مقاييس بالفعل لهكذا أمور كأن يكون حجم الخصر المثالي محددا بالسنتي مترا من ناحية جمالية، أما من ناحية طبية فإن قياس الخصر المثالي هو الذي يكون لا فيه زيادة أو نقصان وهو يدل على صحة جيدة أو وجود مشكلة، وهذا المقاس عادة يخضع لعدة عوامل منها الطول والوزن والفئة العمرية، وهذا يحدده مختص عن طريق قياس المواد في الجسم أيضاً ولا يوجد قياس معين يجب تعميمه .