العلم هو النور الذي يتوصل إليه الإنسان من خلال مقاربة وملاحظة الحواس البشرية لمحسوساتها بجمع المعرفة وتدقيقها وتفنيد تضادها ، والتوليف بين ظاهر اختلافها ، ليضيء لهم الطريق للوصول للغاية البشرية المنشودة وإن هذه الطريق غير معبدة لوجودنا بكون مخلوق بالما هى اسباب ،فكانت هذه حاجة العلم البشري الأولى ،ليتكيف مع الكون الذي خلق فيه ، ويطور الأدوات التي دفعته غريزته البشرية لتطويرها لتلبي حاجاته .
وتبقى هذه السنة في الطلب والالبحث عن المعلومة ،حتى تصبح علما له قواعده ، والتي يتم من خلالها تصفية هذا العلم ،ونقله للغير ،فما كانت الحاجة لإيجاد علم إلا للعمل به ،ولنقله لابد لطالبه من المجالسة مع أصحابة الذين تربوا على جمعه وتطويره .
الحاجة للعمل هي دافع العلم ،وما وجد العلم إلا ليعمل به ،وغير ذلك فإن العلم يرفض حاملة ،فإن للعلم طوق نجاه ينجي به العالم العامل بعلمه ،وطوق النجاة هذا لا يقبل قطاع طريقه مهما كان هذا العلم سواء أكان دينيا أم دنيويا ، فطوق النجاة هذا هو الأخلاق التي يجب أن تلازم كل علم ونذكر على سبيل المثال منها لا الحصر ما يلي :
- ذم الحسد: ومنشئه حب الدنيا فالعلم يحب محبه والحسد يهدم هذه المحبة ،وحملة العلم الحقيقيون هم الذين تجمعهم محبة العلم لازدهاره .
- الأمانة :وتتطلب في هذا الموضع حفظ علم الناس وعدم سرقته ونسبته للغير فالعلم يحفظ لهم هذه النسبة ويرفض تجييرها للغير ،وهذا ما يعاني منه العلماء هذه الأيام بحفظ الملكية الفكرية .
- الإيجابية: وتتطلب توجيه العلم بمنفعة البشرية والكون لا الإفساد والضرر .
- ذم الهوى: وهي تقديم العلم والميل إليه عن الطبع البشري الشَرِه .
- التضحية : فالعلم لن يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك .
- العمل:فكما يقول ابن الجوزي رحمه الله (( والذي لا يعمل بالعلم لا يطلعه العلم على غروره ،ولا يكشف له عن سره فيكون كمجذوب لجاذب جاذبه )).
- الغرور والكبر:فالذي يصل به الشعور لهذه المرحلة بعد حصوله على مقدار من العلم يشهد له به رجال العلم وطالبيه يكون قد سلك مسلكا للجهل الذي يتربع العالم على عرشه إذا ظن أنه قد علم ،فإن العلم الذي لا يمنع صاحبه من الغرور تعرف ما هو إلا علم الحفظ وليس ملكته ، فلم يسعفه علمه ليعلم بأن العلم بحر يعيش الإنسان عمره كلّه في طلبه لا ينال منه سوى قطرات منه .