تحكي الأساطير أنّ أصل لون كل الورود هو اللون الأبيض ، لما تحمله من صفاء ونقاء وبراءة ، وتعدّ رمز الطهر والكمال . ولعلّه تأتّي أهميّة اللون الأبيض في الورود ، لما يحمل من خاصية مقدّسة عند بعض الديانات السماوية ، فنجد تواجد الورود البيضاء كتقليدٍ في الجنازات ، وأيضاً في الأعراس ، وفي بعض الاحتفالات الدينيّة ، ربما لما يعبق به الورد من رائحة طيّبة ، حيث تستخرج منه بعض الطيوب ، وأيضاً ما يعنيه اللون الأبيض من سمات الطهر ، لنجده يختصّ به هذا اللون ، ولنرى أيضاً بأنّ للملائكة لون الأبيض ، وما الأعمال الحسنة والطيّبة إلا بيضاء ، ونجد أنّ بيض الوجوه هم من يكون قد رضي الإله عنهم ، ولا شكّ بأنّنا حتّى الآن نرى في مجتمعاتنا وعرفنا بأنّ اللون الأبيض مازال رمزاً للتضحية وأيضاً للنقاء والطهر .
كثيراً ما قرأنا عبر التاريخ ، وخاصة في الحكايات القديمة وفي الأساطير ، روايات وأحداث تكون بطلتها الوردة البيضاء ، أو ربمّا تكون كعنصّر فعّال في أحداث هذه القصص ، تقف جنباً إلى جنب مع البطل الإنسان ، لتنبض معه ومثله حياةً ، لنجد القصّة الأكثر إيلاماً هي قصّة الوردة البيضاء ، التي أحبها طائر صغير حبّ جنوني ، ولكنها لم تستطع أن تبادله الحبّ والمشاعر ، وكلما كان يصارحها بحبه هذا ومشاعره لها ، كلّما زادت في رفضها له ، إلاّ أنّها في يومٍ من الأيام قامت بإخباره ، بأنّها لن تبادله الحب وهذه المشاعر إلاّ إذا تحوّل لونها من اللون الأبيض إلى اللون الأحمر ، ليقوم هذا المحبّ والعاشق الولهان ، وبفكرة جنونيّة ، ليسارع بكسر ريشه وقطع جناحيه بدون أيّ خوفٍ أو تردّد ، ليبدأ بنزف دمائه وهو يحاول أن يطير مرفرفاً فوق هذه الوردة بيضاء اللون ، ليقطر من دمه فوقها ويصبغها باللون الأحمر ، لتقف مزهوّة لما آل إليه لونها ، مبتسمةً سعيدة بتحقيق طلبها ، ومندهشةً كيف لبست لون الحبّ الأحمر ، فقررت بعدها بأنّ تحبّه وتبادله كل المشاعر التي حرمته منها ، ولكن يبدو أن الوقت قد تأخر كثيراً ، فقد أحبّته بعد أن ضحّى بحياته ، لتجده مرمى بجانبها يلتحف الأرض ، بعد أن نزف دماؤه قطرة قطرة .
ما من شكّ بأنّ الوردة البيضاء كما الوردة الحمراء ترمزان للحبّ ، فواحدة هي للحب الصافي البكر ، وواحدة للحب الصارخ العميق ، وكلاهما رمز للتضحيّة والوفاء . لا يغيب عن بالنا بأنّ أغلب الورود وبل أجملها هي الوردة البيضاء ، حيث تنفرد بعض الورود بهذا اللون ، فمثلاً من الورود البيضاء : زهرة اللوتس ، زهرة الكاميليا ، زهرة النرجس ، المغنوليا ، والياسمين . إنّ الورد الأبيض هو رمز الانتصار ورمز النظافة الفوّاحة والعابقة .
أخيراً يبقى أنّ نستذكر أنّه ، وبرغم ما تحمله الوردة البيضاء من سلام ، إلاّ أنها كانت رمزاً برفقة شقيقتها الحمراء ، في حرب أهليّة قامت في إنكلترا للنزاع على العرش فيما بين أسرتين يملكان النفوذ والقوّة ، فكانت الوردة الحمراء شعار أسرة لانكاستر ، وكانت الوردة البيضاء شعار أسرة يورك .