من بين النّجوم التي لمعت في سماء الدّعوة الإسلاميّة في بواكيرها اسمٌ ذاع صيت صاحبه و اشتهر كواحدٍ من أعظم الشّخصيّات في التّاريخ الإسلامي ، و حين يتحدّث النّاس عن أوّل من أسلم و اتّبع دعوة النّبي عليه الصّلاة و السّلام ياتي اسم عليّ ابن أبي طالب كأوّل الغلمان إسلاماً ، و قد حرص على متابعة النّبي عليه الصّلاة و السّلام و ملازمته ، و حرص على النّهل من علمه ، و قد ساهمت عوامل كثيرةٌ في صقل شخصيّة سيّدنا علي و تبوئه لهذه المكانة العظيمة منها قرابته للنّبي حيث كان ابن عمه أبي طالب الذي دافع عن النّبي و تكفّله ، و كذلك مصاهرة سيّدنا علي للنّبي عليه الصّلاة و السّلام حيث تزوّج السّيدة فاطمة الزّهراء رضي الله عنها فولدت له الحسن و الحسين سبطي النّبي عليه الصّلاة و السّلام و سيدا شباب أهل الجّنة .
و إذا تحدّثنا عن مناقب سيّدنا علي ابن أبي طالب لما وسعتها صفحات الكتب ، ولرأينا من مواقفه العجب ، فقد كان خطيباً بارعاً مفوّهاً يجلجل المنابر ، و في المعارك كانت له صولاتٌ و جولاتٌ تعبّر عن شخصيّةٍ فائقة الشّجاعة ، فما نازل أحداً إلإ صرعه ، و ما حاجج أحداً إلا أفحمه ، و قد كان أول فدائيّ في الإسلام حيث افتدى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حين هاجر إلى المدينة فنام في فراشه ، و حينما أمره النبّي الكريم بالبقاء بالمدينة في احدى المعارك لمزه المنافقون بما لا يحمد من القول ، و قالوا ما تركه النّبي إلا لسبب ، فجاء النّبي ليخطب بالنّاس مبيّناً منزلة سيّدنا علي رضي الله عنه ، حيث قال ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي ، و قال موجهاً كلامه للمسلمين من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، و عادي من عاده ، و انصر من نصره ، و اخذل من خذله ، فكانت تلك الخطبة مبيّنةً فضل الصّحابي الجليل علي بن أبي طالب .
و قد افتتن قومٌ بشخصيّة الإمام الخليفة الرّاشد علي ابن أبي طالب حتى بالغ بعض الضّلال في تقديسه ، و اتخذت بعض الجماعات كالشّيعة حجّة موالاة الإمام علي و محبّته لتخفي وراءها أهدافا مبطّنة لهدم قيم الإسلام الصّحيح و عراه .