جاءت معاهدة صلح الحديبية بعد عشر سنوات من تعذيب قريش للمسلمين ، ومحاولاتهم الجادة في إبادتهم عن آخرهم ، حتى تم التوصل الى معاهدة الصلح تلك .
وتحتوي تلك المعاهدة على بنود أربعة ، وهي :
- البند الأول : وينص على أن يرجع الرسول صلى الله عليه وسلم ، هو و أصحابه هذا العام ، دون الدخول إلى مكة ، وإذا جاء العام التالي ، خرج أهلها منها ليدخلها المسلمين بـ(سلاح الراكب) ، على أن يقيموا بمكة ثلاثاً ، دون أن تتعرض لهم قريش .
- البند الثاني :أن توضع الحرب بين الطرفين لمدة عشرِ سنوات ، حيث يكفون عن الإقتتال فيما بينهم ، ويعيش الناس بأمان .
- البند الثالث :وينص على من يرغب بالدخولِ في عهد محمد وعقده يدخل فيه ، ومن يرغب في الدخول في عهد قريشٍ وعقدهم فله ذلك ، على أن القبيلة التي تتبع لأيٍ من الفريقين ، تعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا الفريق ، وكل عدوانٍ قد تتعرض له أياً من هذه القبائل يعتبر بحد ذاته عدواناً مباشراً على الفريق الذي تتبع له ، وهو نقضٌ صريح للإتفاقيّة .
- البند الرابع : وينص على أن من يهرب من عند محمد صلى الله عليه وسلم قاصداً قريش لا يرد إليه أبداً ، و أما من يهرب من قريش متجهاً إلى محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، فلزاماً أن يرده محمد إليهم .
ودخلت في عهد محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، قبيلة (خزاعة) ، ودخلت قبيلة (بنو بكر) في عهد قريش، و إذا قمنا بعمليّة مراجعة لهذه البنود الأربعة ، نجد بأنها تصب جميعاً في مصلحة المسلمين، إن كان في البند الأول فإن دخول المسلمين لمكة في العام المقبل باتفاق ، وبدون أي مقاومة لهو إعترافٌ بقوّة المسلمين وقيمتهم ، أما في البند الثاني ، فهو أيضاً إقرارٌ بقوة المسلمين ، ولأن السلم هو مطلب المسلمين ورغبتهم وما يحتاجون إليه لإقامةِ دولتهم ، فهي تخدم مصلحتهم بتوفير الأمن والأمان والإستقرار .
وفي البند الثالث ، لم يكن أبداً هذا البند في صالح قريش ، لأن من يريد الإنضمام إلى صفوف قريش لم يكن لينتظر أي معاهدة للوقوف إلى صفها ، بل كان يصب في مصلحة المسلمين ، لأن من يريد الانضمام للمسلمين كان يتعرض للعداء ، وهنا انضمت قبيلة خزاعة دون أن تتعرض للأذى بعد معاهدة صلح الحديبية .
ويأتي البند الرابع الذي ما كان إلا في صالح المسلمين رغم ظهوره عكس ذلك ، إذ كانوا يحتاجون إلى تنظيف فريقهم من الخونة ، والضعاف ، و من كان ضعيف الإيمان بالدين والرسول ، فمن عاد مرتدّاً إلى قريش فالمسلمون في غنى عنه .