ميّز الله سبحانه و تعالى نساء النّبي عليه الصّلاة و السّلام عن باقي نساء العالمين ، فهنّ زوجات سيد الخلق و خاتم النّبيّين الذي بعثه الله برسالة الإسلام الخالدة الى العالمين كافّة ، فآل بيت رسول الله عليه الصّلاة و السّلام و نساؤه جزءٌ منهن هم العترة الطّاهرة التي اذهب الله عنها الرّجس و طهّرها تطهيرها ، فمكانتهن عند الله عظيمة ، و قد خاطبهم الله عز و جلّ خطاباً خاصاً عن غيرهن بآياتٍ كثيرةٍ ، فلا يحلّ لأحدٍ من الرّجال الزّواج منهنّ بعد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بينما يحلّ ذلك لغيرهنّ من النّساء ، و إن كانت كثيرٌ من الأحكام التي خوطبت بها زوجات النّبي تنطبق على جميع نساء العالمين كآية الحجاب و النّهي عن التبرّج .
و تفاصيل حادثة الإفك التي اتهمت فيها السّيدة عائشة رضي الله عنها أنّ الرّسول عليه الصّلاة و السّلام اصطحبها في إحدى غزواته و عندما همّ بالرّجوع منها تخلّفت أمّنا عائشة عن الرّكب فقد نشدت عقداً كانت قد أضاعته ، و عندما رجعت وجدت الرّكب قد ارتحل ، فجلست في مكانها لعلّ الرّكب يعودون إليها ، فرآها أحد الصّحابة فأناخ لها راحلته فركبت و عاد بها إلى المدينة ، و لم يتكلّم معها ببنت شفة سوى استرجاعه عند رؤيتها ، فحصل ما حصل من اتهام بعض المنافقين و خاصةً زعيمهم عبد الله بن أبي سلول لها و للصّحابي الجليل بارتكاب الزّنا ، فبقيت ما يقارب شهراً لا يجفّ دمعها و لا يغمض جفنها حتّى برّأها الله من سبع سماواتٍ و أنزل فيها قرآنا يتلى إلى قيام السّاعة .
و إنّ من العبر المستفادة من هذه الحادثة هي أن يحفظ المسلمون ألسنتهم عن الخوض في أعراض المسلمون ، و عرض النّبي هو أشد حرمةً من أعراض المسلمين ، فعلى المسلمين دائماً أن يحسنوا الظنّ بأنفسهم و إذا جاءهم فاسقٌ بنبأٍ تبيّنوا فلم يطلقوا الأحكام و الشّائعات من دون بيّنةٍ ، لذلك فقد جعل الإسلام حداً و عقوبةً لقاذف المحصنات الغافلات و هي الجلد مائة جلدة ، حفظاً لأعراض النّاس و درءاً للمفسدة ، فالإسلام يسعى لبناء مجتمعٍ تسود فيه المحبة و السّلام و قد توعّد الله سبحانه الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة بين المسلمين بالعذاب الأليم في الآخرة .