تعتبر مكة مكان ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ,ولها معزة خاصة في قلبه، لأنها مسقط رأسه والمكان الذي نشأ فيه وقضى مراحل طفولته وشبابه ومهد رسالته النبوية الشريفة، لذلك هي ذات مكانة عظيمة في قلبه.
كان للرسول مكانة مرموقة بين أفراد قبيلته وكان محط احترام فيها وصاحب سمعة طيبة، حيث كان يطلق عليه الصادق الأمين، لذلك كان يجالسهم مجالسهم الخاصة التي يتشاورون فيها أمور القبيلة. فالنبي صل الله عليه وسلم من احسن وأفضل أبناء قبيلة قريش ، وكان له المكانة المهمة بين أبناء هذه القبيلة حتى قبل أن يكون صاحب رسالة ، وكان دائم الاستماع إلى قلبه الذي كان يدله إلى أن هناك خالق عظيم لهذا الكون ، وهو الخالق وهو القادر على أن ينشئ هذا الكون بكبره وعظمته ، وبعد أن أصبح نبياً بقيت أخلاقه كتعرف على ما هى ، وبقي محافظاً على شخصيته الإسلامية العظيمة ، التي شهد له بذلك كبار قريش رغم أنه عادوا النبي صل الله عليه وسلم في الدين والعلم وغير ذلك ، ومع بداية نزول القرآن كان أهل قريش يعلمون جيداً أن النبي محمد لا يكذب أبداً ، وأن كلام القرآن لا يمكن أن يكون كلاما بشريا ، ومع ذلك فقد قاموا بنكرانه بشكل كبير ، وعملوا على محاصرته هو وأصحابه ، حتى قرر الهجرة من مكة للمدينة . فكان حلف الفضول مضرب المثل لمكارم الأخلاق ونصرة المظلوم وعدم نصرة الظالم مهما كانت مكانته بين قومه، كان لهذه الحادثة أثر عظيم في نفس الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجعله فخوراً بها حيث قال عنها «لقد شهدت مع عمومتي حلفاً في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت».
الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا كان له مكانته بين قومه رغم صغر سنه حيث كان يشارك قومه تجاربهم السياسية والعسكرية ، حيثما رأى في هذه التجارب حقاً وعدلاً، لكنه كان رافضًا كل معتقداتهم وتصوراتهم الخاطئة وأخلاقياتها الفاسدة .
بين حلف الفضول الأخلاق التي كان تتمتع بها قريش والقبائل العربية من نصرة الإنسان المظلوم والدفاع عن الحق مما كان مثار إعجاب للرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم وفرح حيث كان ذلك ظاهر في حديثه عن ذلك الحلف الذي يعتبر من مفاخر العرب قبل الإسلام، فإن الحب وحماية الحق والحرص على تحقيق العدل هو هديه صلوات الله عليه، فهو القائل في الحديث المشهور عنه: ( أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايـم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ).