قوم صالح
عندما انطلق الرسول صلى الله عليه وسلّم لمحاربة الروم سنة 9 للهجرة وصل إلى منطقةٍ بالقرب من تبوك تدعى بوادي أم القرى، حيث أمر صلى الله عليه وسلم الجيش بالتوقف هناك للراحة، حيث كانوا يشعرون بالتعبِ والعطشِ الشديدِ.
قد لاحظ المسلمون وجود آثار قديمة وآبار للماء، وعندما سألوا النبي عنها أخبرهم بأنها لقوم ثمود الذين عصوا الله تعالى فأنزل لعنته عز وجل عليهم، وحذّرهم من الشرب من هذه الآبار ودلهم على البئر التي كانت ناقة سيدنا صالح عليه السلام تشرب منها.
قصة قوم سيدنا صالح عليه السلام
لقد كانت قبيلة ثمود -التي منها سيدنا صالح- تعمل بالزراعة وحفر الآبار وبناء البيوت في الجبال، وقد بارك الله تعالى في كل ما يعملون، مما جعلهم ينعمون بالسلام، ولكنهم بدلاً من أن يحمدوا الله تعالى ويعبدوه وحده اتجهوا إلى عبادة الأوثان وعصيان الله تعالى، وفي تلك الفترة كان سيدنا صالح رجلاً طيِّباً وصاحب أخلاقٍ فاضلةٍ، وقد كان الناس يحبونه كثيراً ومنهم من توقّع أن يقود قبيلة ثمود يوماً ما.
اختار الله تعالى سيدنا صالحاً ليكون رسولاً لقبيلة ثمود وينهاهم عن عبادة الأصنام والعودة إلى عبادة الله تعالى وحده، وكان يعلم سيدنا صالح أنَّ هذا الأمر صعب جداً بسبب تعلّق أبناء القبيلة بعبادة الأصنام والأوثان من زمن أجدادهم.
ذهب نبي الله صالح في أحد الأيام إلى جماعةٍ من القبيلة يعبدون صخرةً ويتقربون إليها، وهذه الصخرة مقدّسة بالنسبة إليهم؛ لأن آباءهم عبدوها وقرّبوا لها القرابين وكذلك هم فعلوا، وأخذ سيدنا صالِح يدعوهم إلى عبادة الله تعالى وحده من دون هذه المخلوقات، فطلبوا منه دليلاً على صدق نبوته، وهو أن يخرِج من هذه الصخرة ناقةً عشراء ( أي تحمل في بطنها حملاً)، وتعهّد لهم صالح عليه السلام بقدرة الله تعالى على ذلك واللقاء في اليوم التالي عند الصخرة.
في اليوم التالي دعا صالح ربه أن يُخرِج من الصخرةِ ناقةً عشراء لتكون دليلاً على صدق نبوته، وقد اجتمعت قبيلة ثمود بأكملها عند الجبل لترى ما سيحصل مع صالح، ثم أخرج الله تعالى الناقة من بين الصخور وكانت مثل ما طلب كفار قوم ثمود، فآمن الكثير منهم لكن بقيت فئةٌ ضالةٌ معاندة لله تعالى.
طلب سيدنا صالح من قوم ثمود ترك الناقة وحملها وعدم مسها بسوءٍ، وفعلاً كانت الناقة تتغذى على المحاصيل وتشرب من العيون متى شاءت وكيفما شاءت، ولكن تآمرت جماعةٌ كافرةٌ على التخص من الناقة؛ لأنها أصبحت رمزاً للمحبة والسلام ولدين سيدنا صالح وفي صباح أحد الأيام استطاعت هذه الفئة أن تقتل الناقة وحملها الوديع.
وعدهم سيدنا صالح بالعذاب الأليم، وقال لهم: تمتعوا في داركم ثلاثة أيامٍ فقط، وفي هذه الفترة كانت الجماعة تخطط لقتل سيدنا صالح وعائلته، ولكن قبل أن ينفِّذوا خطتهم امتلأت السماء بالغيوم السوداء وحجبت الإنارة وكل شيءٍ في السماء، وأصبح الظلام الشديد يخيم، وفي منتصف الليل استيقظ القوم على صيحةٍ مدوية قتلت الكفرة جميعاً ولم ينجُ منهم سوى سيدنا صالح ومن آمن معه.