من الملاحظ أن البشر مختلفون في الطّباع والأذواق والمهارات والإهتمامات ، ومختلفون كذلك بالقدرات والمواهب ، فتجد هناك من يجيد الرّسم ولا يجيد الغناء ، وتجد من يمتلك قدرات في التمثيل ، وتجد آخراً ينظم الشعر ، ولم يعد من قبيل المفاجأة أن نجد طبيبا ولديه ميول وإبداعات في هندسة الديكور ، أو أن نجد أميّاً لا يقرأ ولا يكتب ولديه قدرات على التلحين أو قيادة الجماهير ، فتعرف على ما هى الموهبة ؟ وكيف نحدد معالمها ونعرف ماهيتها لدينا ؟
الموهبة هي التفرّد والقدرة والإبداع في شأن من شؤون الحياة ، وتتحدد بوادرها غالبا في مرحلة الطفولة ، حيث يكون المرء عفوياً ولا يقوده سوى براءته وأحاسيسه وفطرته الذاتيّة ، دون أيّما تأثير ونتائج مباشر من العادات والتقاليد أو الثقافات السلبية كثقافة العيب ، فنلاحظ أن من تبرز عنده موهبة الرقص ، لا يتحرج من الرقص في مجتمع محافظ ، حتى يكبر شيئاً فشيئاً ويدرك رويداً رويداً عادات البيئة المحيطة به ، وإما نجده يتخلى عن موهبته المرفوضة ، أو نجده يحتفظ بها سراً لنفسه ، أو ربما تحدّى أسرته ومجتمعه وأكمل طريقه ليعززها وينميها ويطورها ، وكما أن أغلب المواهب بل وأكثريتها الساحقة تتشكل منذ الطفولة إلا أن هناك مواهب تنبغ في سن متقدمة عند بعض الأشخاص ، فكيف يستطيع أن يحدّد المرء نوع الموهبة التي لديه :
أولاً : صاحب أي موهبة ما ، مهما كانت ، نجده يقض أغلب أوقات فراغه مع نفسه ومع ذاته وهو يمارسها .
ثانياً : في قرارة نفسه نجد أن صاحب أي موهبة يقض الكثير من وقته وهو يفكر فيها في أعماق وجدانه وأفكاره .
ثالثاً: يصب الشخص معظم إهتمامه في الموهبة التي لديه.
رابعاً: الإنسان لا يشعر بالضجر خلال ممارسته لموهبته في حين ينتابه الملل والضجر في ممارسة ما عداها.
خامساً : لا يبتكر الإنسان ولا يبدع إلا في مضمار موهبته لا تخصصه الذي فرض عليه ربما فرضا .
سادساً : يتابع المرء كل ما له علاقة بحقل موهبته ، أكثر من متابعته لما سواها ، فان كانت لديه موهبة الكتابة تجده يتابع أخبار الروائيين والكتاب بشكل عام .
إن الموهبة عطاء ونعمة من الله للإنسان ، يجب إستغلالها وتنميتها ، لا خنقها في مهدها أو طمسها فيما بعد .