مقدمة
تعتبر القراءة اللبنة التي تبنى بها الحضارات، وهمزة الوصل التي تربط بين الثقافات المتعددة، لذلك تجد القارئ دائمًا منفتح الذهن وله عوالمه الخاصة بين كتبه، فإن كان ما تقرأه يومياً ينحصر فيما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتوتير مثلاً، فقد ضيعت على نفسك الكثير من المتعة والفائدة التي لا تشعر بها إلا عند قراءة الكتب المختلفة. ونذكر هنا بعض الفوائد التي تعود عليك عند القراءة اليومية والمستمرة في مختلف المجالات، والتي يجب أن تكون دافعًا لك للاستمرار في القراءة، أو البدء بها إن لم تكن قارئاً دائمًا.
تحفيز الذهن
يعتبر العقل كأي عضلة أخرى من الجسم، فهو يحتاج إلى العناية المستمرة والتمرين الدائم، ويكون تمرين العقل عن طريق القراءة الدائمة في المجالات المتنوعة، فالذين يقرؤون باستمرار تقل لديهم احتمالية الاصابة بمرض الزهايمر أو الخرف عند الكبر مقارنةً بمن ليست لديهم عادة القراءة، فالقراءة من شأنها أن تجعل الذهن في عمل دائم مما يمنعه من أن يفقد قواه، ومن الجدير بالذكر أن أي أنشطة تبقي الذهن محفزًا ونشطاً يمكن أن تعطي نفس المفعول، وتشمل هذه الأنشطة لعب الشطرنج وحل الألغاز، لذلك فإنه من المهم جدًا أن تهتم بتنمية عقلك وإبقائه في نشاط مستمر لتحافظ عليه ولتتجنب الأمراض العقلية مستقبلًا.
الحد من التوتر
لا شك أن الحياة تكون أحيانًا مليئة بالضغوطات، سواء تلك الناتجة عن العمل أو عن العلاقات الشخصية أو عن أي سبب آخر يمكن أن يؤدي إلى التوتر، ويسعى كثير من الناس بحثًا عن طريقة الانتهاء والتخلص من التوتر، وهنا نضع بين أيديكم حلًا سحريًا: القراءة، إن قراءة القصص والروايات تنقلك إلى عوالم أخرى وتجعلك تنسى ما أنت فيه، خصوصًا إذا كانت الرواية مشوقةً ومحبوكةً بشكل ممتاز، بهذه الطريقة يمكنك أن تخفف من توترك كثيرًا وأن تعطي فرصة لعقلك ونفسيتك بالاسترخاء وبالتالي ستجد أن الأمور قد بدأت بالتحسن شيئًا فشيئًا لأن الاسترخاء يساعد على التفكير السليم وإيجاد الحلول المنطقية والإنجاز في العمل، وهكذا فالقراءة لها أثر كبير في الحد من التوتر.
المعرفة
يحتاج العقل إلى الغذاء، وغذاء العقل هو القراءة الجيدة المفيدة، فكل معلومة تقرأها تخزن تلقائيًا في عقلك، وربما تحتاج هذه المعلومات يومًا ما، يمكنك إذًا أن تنمي معرفتك وثقافتك عن طريق اختيار المناسب من الكتب التي تفتح آفاقاً أمامك وتزيد من علمك وثقافتك، ويمكنك أن تسأل وتستشير من لهم خبرة في القراءة عن الكتب المفيدة التي تنمي الفكر وتحفز الذهن، وتذكر أنه من الممكن أن تخسر وظيفتك أو علاقتك بالآخرين، أو حتى صحتك، ولكن لا يمكنك أبدًا أن تخسر معرفتك وعلمك ما دمت على صلة دائمًا بالكتب والمكتبات.
التوسع اللغوي
فكلما قرأت أكثر كلما زادت مداركك اللغوية فالقراءة تفتح أمام الإنسان فرصة ليتعرف على الكثير من المصطلحات والتركيبات اللغوية سواء في اللغة العربية أو في العلوم المختلفة كعلم النفس والطب وغيرها من المجالات التي تقرأ فيها، فتزداد ثقافته وفصاحته وينطلق لسانه وتتحسن مهاراته الكتابية، وتصبح المفردات التي تقرأها جزءًا من الكلمات وعبارات التي تستخدمها يوميًا حتى دون إدراك منك، وهو ما سيعطي انطباعاً حقيقياً عن ثقافتك وفصاحتك اللتان تعتبران من مقومات الوظائف المرموقة، حيث تمكنك من التحدث مع المدراء والشخصيات المرموقة بصورة لبقة ولائقة، فتزيد من فرصك في القبول في العديد من الوظائف عما إذا ما كنت غير مطلع وغير مثقف وحصيلتك اللغوية متوقفة عند مرحلة معينة، إذًا فالقراءة تساعدك على تجميع قدر كبير من المفردات التي تعكس ثقافتك ولباقتك.
تحسين الذاكرة
فعند قراءة قصة معينة ستجد نفسك مضطرًا إلى حفظ أسماء الشخصيات وخلفياتهم الثقافية ودورهم في القصة أو الرواية، وهو ما يعد تمرينًا مهماً لذاكرتك، وغالبًا ما تجد أن الأشخاص الذين يقرؤون روايات معينة يسردون ما قد قرأوه لأحد الأشخاص المقربين أولًا بأول وهو أمر مفيد جدًا لتحسين الذاكرة وتنميتها، فالقراءة تعتبر من الأنشطة التي تبقي الذاكرة محفزةً ونشطةً حتى دون أن تشعر أنت بذلك.
تطور مهارات التفكير
وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بالروايات البوليسية التي تحتاج إلى تفكير دائم وإلى إيجاد حلول منطقية وإبداعية أو الكتب الفكرية الخارجة عن المألوف والتي تحث على التفكير الإبداعي، فهذه الأمور كلها تحفز على التحليل وإعمال العقل وبالتالي تطور من مهارات التفكير، وهي أيضًا تزيد من التركيز وتلفت إلى التفاصيل الصغيرة لتمكنك من الوصول إلى الحل، وتلعب الروايات بالذات دورًا مهماً في تحسين مهارات التفكير، حيث تحفز على تتبع الحبكة ووضع خيارات متعددة لتوقع ما يمكن أن يحدث لاحقًا في الرواية، ومن الجيد أن تعطي لعقلك فرصة نقد الكتاب الذي تقرأه وتحدد ما إذا كانت الرواية مثلًا محبوكة بشكل جيد أم لا وتعرف على ما هى نقاط الضعف فيها، وهكذا فإن القراءة تساعدك على التفكير بصورة تحليلية إبداعية خارجة عن المألوف، ولكن بالطبع لا يستطيع كل القراء أن يقوموا بذلك، فانتبه لهذه الأمور لتكون قارئًا لماحًا ومتميزًا.
تحسين مهارات الكتابة
لا شك أنك تعرف أن وراء كل كاتب عظيم كم هائل من الكتب التي قرأها، فالقراءة وحدها بوسعها أن تنمي مهارات الكتابة الإبداعية، والقراءة أيضًا تنمي الثقافة التي تحتاجها في كتاباتك، فالقراءة إذًا تجمع بين كل ما تحتاجها لتحسن مهارات الكتابة لديك، لذلك إن كنت مهتمًا بالكتابة أو كنت تملك بذرةً من الكتابة الإبداعية فاحرص على تنمية تلك المهارة بالقراءة المستمرة والمتنوعة في جميع المجالات.
راحة البال
فالكتاب الجيد سبب للشعور بالسعادة والاسترخاء وراحة البال، فتستطيع من خلاله أن تسافر إلى عوالم مختلفة وأن تتعرف إلى أشياء جديدة، وأن تضحك أو تبكي أو تشعر مشاعر مختلطة، فضلًا عن ذلك فإن موضوع الكتاب نفسه قد يكون سببًا في مضاعفة تلك السعادة وذلك الاسترخاء، فالكتب الدينية المكتوبة بصورة شيقة ولطيفة تجلب الشعور بالأمن والسعادة وراحة البال، وهذه المشاعر تساعد على خفض ضغط الدم وإفراز هرمونات مفيدة لصحة الجسم، وتساعد كتب التنمية على التخفيف وانقاص من معاناة الناس ومشاكلهم وتقدم لهم الدعم والمساعدة التي يحتاجونها وبالتالي فإنها تؤدي إلى الاسترخاء وراحة البال.
الترفيه
تعتبر قراءة الروايات أو المجلات المختلفة مصدرًا للترفيه عن النفس والاسترخاء في كثير من الأحيان، ولهذا تجد بعض الناس يقرؤون في وقت فراغهم كنوع من الترفيه، ويجب الانتباه هنا إلى أن الرواية أو الكتاب لن يكون مصدرًا للترفيه إلا إذا كان يوافق ذوقك وما يستهويك، ولحسن الحظ فالكتب متنوعة ومواضيعها مختلفة لتوافق أذواق جميع الناس، فهناك الكتب الأدبية كالقصص والروايات بمختلف أنواعها، وهناك دواوين الشعر وهناك كتب العلوم البحتة وكتب التنمية الذاتية، والكتب الدينية وكتب السيرة الذاتية، وغيره من المواضيع التي تجذب انتباه مختلف الناس وترفه عنهم وتوسع من مداركهم ومخيلاتهم.
وختاماً فإن خير جليس في هذا الزمان كتاب يكون لك صديقاً، ورفيقاً في حياتك، ويساعدك بشكل كامل في توسيع مداركك التي من خلالها يمكنك تخطي جميع الصّعاب التي قد تواجهك في حياتك.