الدّستور كلمة دخلت القاموس العربي حديثاً، فلم يعرف لها وجود في قواميس العرب القديمة، و جمعت على دساتير، و كلمة دستور هي إسم لم يشتق منه فعل في العربية، و معناها قانون أعلى، حيث تجد في قواميس العرب القديمة كلمة قانون و الفعل قنن، و لكن تم إستحداث هذه لفظة (دستور) للدلالة على قانون أعلى من القانون العادي، و كلمة دستور على أصح ما ورد فيها مأخوذة من اللّغة الفارسية لعبارة مكوّنة من كلمتين تعني قانون صاحب الدّولة.
الدّستور بمعناه الحالي هو مجموعة القوانين العليا التي تحكم بها الدّولة، فهو أشبه بالعقد بين حاكم الدّولة و الرّعية، فيه تحدّد قواعد شاملة كلية ؛ مثل أن يحدّد فيه إسم الدولة الرسمي و ديانتها، و نوع الحكم فيها و طريقة تشكيل الحكومة و البرلمان، و تحديد سلطات الدّولة و حقوق المواطنين و واجباتهم و ما إلى ذلك.
الدّستور يضع فواعد عامّة فهو قانون أعلى ، ثم توضع داخل الدّولة قوانين مفصلة لكل ما يستوجب سن قانون بشرط ألا يخالف أي قانون يسن القانون الأعلى للدولة و هو الدستور.
الدّستور إمّا أن يضعه الحاكم أو لجنة مختارة من الحاكم أو الشعب، و يتم الإستفتاء عليه من قبل الشعب، أو أن تشكل لجنة شعبية تضع الدستور مباشرة.
لا يوجد تيقّن أكيد لدى المؤرّخين حول أوّل دستور وضعه الإنسان، البعض يشير إلا أنّ أوّل دستور وضعه حمورابي قبل ما يزيد عن ألفي سنة قبل ميلاد المسيح عليه السّلام، و هناك من يعتبر أنّ أوّل دستور بالمعنى المعروف حديثاً وضعه الفرس و هذا ما يفسر تعريب الكلمة من الفارسية و هذا كان في حدود القرن السادس قبل الميلاد، كما يعتبر الكثيرون من العرب و المستشرقين أيضا أن أول دستور فيه إنصاف حقيقي كان ما سمي وثيقة المدينة؛ و هي الوثيقة التي كتبها النبي محمد صلى الله عليه و سلم بعد هجرته للمدينة لتكون كقانون أساس ينظم الدّولة الإسلاميّة، حيث كانت دساتير كل من حمورابي و الإمبراطورية الفارسية و الإمبراطوريةالرومانية دساتير قمعية؛ إنّما هدفها تثبيت ملك الحاكم و قلّما تشير لحقوق المواطنين.
في العصر الحديث أصبح للدستور مكانة عظيمة، و معظم دساتير العالم الحالية فيها من القواعد العامّة ما يكفل حريات النّاس و يكفل أمنهم و ديانتهم و غير ذلك، و لكن التحدّي الملقى ثقله على الحكّام و الدّول هو المقدرة على ترجمة بنود هذه الدساتير على شكل قوانين و من ثم تحد آخر بأن يكون لديها من قوة السلطة التنفيذية ما يكفل تنفيذ تلك القوانين!!